Kajira 03

بعد صرختها المدوية ومع نظرات الاندهاش التى اطلت من عينى بسمة والابتسامة الخبيثة التى ظهرت على وجه باسم ، اندفعت حنين تسأل النادل عن مكان دورة المياة ، وفور ان اشار انطلقت تجرى وكأنها تتمنى ان تنشق الأرض وتبتلعها ، اغلقت باب الحمام خلفها وشرعت تخلع ملابسها السفلية ووقفت فاغرة فمها مما رأت ، اهكذا فاضت انهار شهوتها بالفعل حتى اغرقت ملابسها التحتية بالكامل وهى التى لم تعرف يوما معنى لأنهار شهوة الانثى ، صحيح انها تفرج عن مشاعرها كأنثى من وقت لأخر لكنها لم ترى طوفانا كما ترى الأن امام عينيها ،، طرقة خفيفة على الباب جعلتها تنتفض هلعا ، بينما اتى صوت بسمة مطمأنا " انا بسمة .. مالك طمنينى عليكى " ، أجابت حنين بحروف مرتعشة " انا كويسة مفيش حاجه ، دقيقة وجاية " ، انصرف بسمة وهى تدرك ان صديقتها لن تخبرها بالمزيد الان ..
اما حنين فقد وقفت لتفكر قليلا قبل ان تقرر ان تتخلص من جريمتها ، فبدأت فى خلع البنطلون الذى ترتديه ومن خلفه " الاندر وير " جسم الجريمة الكاملة التى حدثت منذ قليل ، امسكته بأطراف اصابعها وهى تتأمل ما فعلته به قبل ان تلقيه فى سلة المهملات ، تركت الماء يمسح ما تبقى من اثار وجففت جسدها بعناية وارتدت بنطلونها من جديد لأول مرة فى حياتها بدون ملابس تحتيه ، وبثقة مصطنعه خرجت عائدة الى مكان جلوسها دون كلمة واحده ، لكن باسم فاجئها بقوله : خلاص ،،، فردت باندهاش " خلاص ايه " ، ابتسم باسم قائلا : خلاص بطلتى صريخ !!
اكتست ملامحها بالخجل وهى تقول : انا أسفة ما كانش قصدى ، انا سرحت فافتكرت مشهد مرعب وغصب عنى صرخت ، اجاب باسم : ولا يهمك مفيش حاجه !
أكمل باسم حديثه وحنين تحاول جاهدة ان تسيطر على تركيزها لتستمع لما يقول خاصة وانها وجدت ان باسم يتحدث عن كثير مما قرأته من قبل لكنه يراه من وجهة نظر من لامست يديه الشئ الحقيقى ، حديث يثبت ان ما يقوله واقع حقيقى يعيشه وليس مجرد افكار واراء .. وبدأت حنين تشترك فى الحوار وتلقى الأسئلة وهو يجيبها بابتسامة هادئة لا تفارق ملامحه ، حتى بسمة اشتركت فى النقاش الدائر بأسئلة قليلة ، ووسط الحديث الجاد لم يخلو الحوار من الضحكات ، وبعد مرور ساعتين كاملتين شعرت الفتاتين انهما لا يتناقشان مع باسم فى موضوع شديد الحساسية والخصوصية بل شعروا براحة وكأنهم قد التقوا بصديق قديم وجلسا يتبادلان الذكريات ، لكن وسط كل هذا لم يفت بسمة ان تعلن وبكل صراحة وكأنها وسط أفراد اسرتها الصغيرة " أنا جعانه " ، ورغم النظرة المستنكرة التى اطلت على وجه حنين الا ان باسم ابتسم معلنا عن مفاجأة " عندى خبر كويس اوى لو بتحبوا السمك " ، عاجلته بسمة " سمك طبعا سمك ، انا باعشقه وحنين كمان " ، فرد باسم " انا يوم الخميس دايما عندى ده يوم السمك العالمى " ، حنين " طيب انا موافقة بس هناكل فين " ، بسمة " نسأل خبير السمك ، رد يا استاذ " ، اجاب باسم " اعرف اكتر من مكان كويس ، بس عندى اقتراح افضل " ، بسمة" قول قبل ما يغمى عليا من الجوع " ، اجاب باسم " انا اعرف محل بيجيب سمك طازة يوم الخميس واسمحولى اختارلكم على ذوقى ، بس المشكلة ان المكان مش فيه مكان للأكل ، فممكن دلوقتى اطلب الاوردر وعلى ما نوصل المحل يكون اتعمل وجهز وناخده ونطلع ناكل فى البيت براحتنا ، حلاوة السمك اننا ناكله براحتنا " ...
تلاقت عيون الفتاتين فى تساؤل ، صحيح ان باسم يبدو شخصا مريحا للغاية ولم يصدر عنه اى مواقف تثير الشك والريبة ، لكن ان يجتمعوا سويا فى منزله كان مفاجئة صادمة لهم ، لم يتركهم باسم فى حيرتهم وتساؤلاتهم واكمل " بصوا .. احنا مش هنروح بيتى ، احنا هنروح زنزانتى " الدانجون " فرصة كمان اوريكم معرض الأدوات بتاعى ، وكده يبقى شوفتوا الصورة الكاملة ، انا حكيتلكم كل حاجه تخص الموضوع ، واتناقشنا فيه كتير ، دى بقية الصورة ، احنا من النهارده اصحاب خصوصا اننا اتكلمنا فى حاجه يمكن اقرب الاقربين من اصحابنا ما يعرفوهاش ولا عمرنا هنحكيلهم عنها ، الراحة اللى بنحس بيها مع حد بيشاركنا نفس الميول ما نقدرش نضحى بيها ولا نخسرها ،،، ثقتى فيكم وثقتكم فيا اللى ابتدت النهارده حاجه كبيرة ما احبش ابدا انها تتهز ولا هسمح انها تتهز ، انا سادى صحيح انما بنى أدم ، وفى مبدأ هنتفق عليه من البداية " ... انتظر ليرى علامات التساؤل تتطل فى وجوه الفتاتين فتابع " حاجتين بس ليكم فيها كل الحق ، بداية العلاقة ونهايتها ، اللى بين ده وده يخصنى انا ، يعنى ليكم الحرية الكاملة فى بداية الموضوع او فى نهايته وبس " وبما اننا لسه بنتكلم النهارده لأول مرة فانتم لسه على البر تماما ، هاعمل تليفون واحجز السمك على ما تكملوا اللى بتشربوه ونتحرك ، وابتعد بخطوات هادئة بعيدا وهو يجرى اتصاله الهاتفى .
اما الفتاتين فكانت الحيرة تملأ كيانهما ، ما اندهشت له حنين هو ان بسمة لم تكن معترضه على عرض باسم ، اندهشت بشدة عندما وجدت ان ما رواه وحكاه باسم قد صادف هوى داخلها لم تصرح به من قبل ، اما هى فقد اخدها الفضول لتشاهد ما يمتلكه باسم ،، وجودهما معا لم يجعل اتخاذ القرار صعبا ، خاصة وان بسمة قد فتحت حقيبتها امام حنين وهى تقول " ما تقلقيش ، لو فى اى قلق هياخد القاضية فى الحتة الفاضية " وهى تشير الى صاعق كهربائى من نوعية ادوات الدفاع الشخصى التى تستخدمها الفتيات عادة ..ابتسمت الفتاتين فى توتر ملحوظ ولكنهما قررتا ان تخوضا التجربة .
عاد باسم وهو يقول " يلا بينا " ، أجابت بسمة " يلا " بينما اكتفت حنين بابتسامة صغيرة عكست ما يدور داخلها من توتر ، تبعته الفتاتين فى سيارتهما وهو يحافظ على المسافة الفاصلة بينهم حتى لا يفقدان الطريق ، وفى أحد الأحياء الهادئة توقف باسم امام محل صغير لكنه يعج بالنشاط خاصة مع توافد السيارات تباعا ، وخلال دقائق قليلة عاد باسم وهو يشير للفتاتين وهو يتوجه اليهما قائلا " للاسف لسه قدامهم ربع ساعه على ما الاكل يجهز ، المكان قريب اوى ، ممكن نطلع وهما هيبعتوا الأكل على هناك " ، فصرخت بسمة " لا لا انا بيجيلى غيبوبة وذنبى فى رقبتكم بقى " ، التقط باسم من جيبه قطعة شيكولاته صغيرة الحجم والقاها لبسمة قائلا " صبرى نفسك بدى بس ادى حته لصاحبتك بدل ما تفوتك اكلة ما تتعوضش " وعاد الى سيارته وهو يشير اليهم بالدوران للخلف ، وبالفعل خلال دقائق كانا قد وصلا الى بناية صغيرة فى الحى الهادئ اوقف باسم سيارته امامها تاركا مساحة تكفى لسيارة حنين لتستقر خلفه تماما ، تقدمهم باسم الى مدخل البناية والفتاتين خلفه بخطوات قليلة ، وفى الطابق الثانى توقف باسم امام بابا أسود اللون وهو يفتحه مشيرا للفتاتين للدخول ....
وانطلق يزيح ستائر صالة الاستقبال ليتسلل عبرها ضوء النهار ، اما الفتاتين فقد توقفتا وهما يتطلعان حولهما ، لم يكن المكان متسعا لكنه يشف عن أناقة وذوق رفيع ، هادئا دون تفاصيل كثيرة لكن الجدران التى زينتها العصى والاحزمة والكرابيج وتلك اللوحة الكبيرة التى تتوسط الحائط الرئيسى والتى تجسد صورة جارية تجلس تحت أقدام سيدها كانت شديدة التعبير حتى ان الفتاتين قد وقفتا أمامها فى انبهار ، والتفتت حنين لباسم وهى تقول " جبتها منين دى " ، رد باسم " ما جبتهاش ، انا رسمتها " ، فانطلقت من فم بسمة صيحة اعجاب كبيرة وهى تقول " روعه " ، بينما تابعت حنين ما يفعله باسم وهو يزيح الطاولة الرئيسية التى تتوسط صالة الاستقبال ثم يغيب قليلا فى الداخل عائدا يحمل بين يديه 3 مقاعد عربية " بوفات " من تلك الطراز العربى القديم ، قبل ان يعود من جديد يحمل مقعدا منخفضا لا يزيد ارتفاعه عن 20 سم وضع فوقه صينية كبيرة تشبه ما نراه فى منطقة خان الخليلى وداخل الخيم الرمضانية او ما يطلق عليها " قعدة عربى " ، ليحين دور حنين وهى تقول " واوووو ، ايه الدماغ دى " ابتسم باسم " السمك ما يتاكلش الا كده ، اسمعى منى "
على ما ييجى السمك تعالوا اوريكم حاجه ، قالها وهو يتجه الى داخل المكان وهما تتبعانه بحذر ، وقف على باب حجرة تبدو واسعة لكنها مظلمة وهو يقول " غرفة الأسرار " زرار النور على اليمين ، اتفرجوا براحتكم ، انا هنزل اجيب حاجه بسرعه وجى ، خدوا راحتكم ، لم ينتظر الاجابة وانما انطلق مسرعا تاركا الفتاتين يقفان امام الغرفة ، خطت حنين الى الداخل قليلا وبحثت بيدها عن زر الاضاءة حتى وجدته وفور ان ضغطت عليه انطلقت من حناجر الفتاتين شهقتين لم يمنعهما من الخروج من المكان سوى جدران الغرفة العازلة للصوت ،،،
كل ما رأوه من قبل خلال بحثهما على الانترنت كان لا يقارن بما يرونه رأى العين ، فأمام عيونهما المتسعتين عن أخرهما رأوا حصانا خشبيا ومقاعد غريبة الشكل ومن السقف تدلت عدة سلاسل معدنية وعلى الحوائط تراست انواع واشكال من الادوات العجيبة الشكل خاصة تلك التى تتركز فى ركن الغرفة البعيد ووحدات خشبية تبدو عتيقة الطراز تحوى ادراج كبيرة وفراشا مرتفعا أشبه بأسرة المستشفيات وأدوات اخرى لم يدركوا فى اى غرض يتم استخدامها
كانت بسمة اول من نطقت وهى تقول " ايه المتحف ده ، يا نهار اسود ومنيل " ، فيما همهمت حنين فى صوت منخفض لكن الجدران العازلة رددته بصوت واضح " ده ماستر بجد " وتابعت " انا ما تخيلتش ان فى حد واخد الموضوع بالجدية دى ابدا " ، فيما همست بسمة على غير عادتها وهى تقول " اٌقولك على سر " ردت حنين " قولى " ، بسمة " انا نفسى اجرب " ، حنين " مش قدى " قبل ان تنتبه لما قالته بسمة " تجربى ، من امتى ، ده انتى دايما بتتريقى على الصور اللى بوريهالك وتقعدى تقوليلى ده كلام فاضى " ، بسمة " مش عارفه ، المكان ده على قد ما هو مخيف على قد ما هو مثير ، والفضول هيقتلنى "
حنين " ايه اللى هيقتلك اكتر الاكل ولا الفضول " ، بسمة " تصدقى انى نسيت انى جعانه " ، " هو طلعلنا منين باسم ده " ، وكالعادة رددت الغرفة صوتها فى تتابع منتظم ، لكنها فوجئت بصوت عميق يقول " اسمه ماستر باسم "
التفتت الفتيات فى ذعر وهما يشاهدان باسم قد اكتست ملامحه بجدية والصرامة وهو يقف على باب الغرفة وقد أطلت من نظرة قوية جعلت الفتاتين تنتفضان ، اما داخل اعماق حنين ...... فقد شعرت انها تنحنى ، نعم تنحنى فقد رأت سيدها الذى طالما حلمت به بنفس صرامته وقوته ، بنفس معالم رجولته الواضحة وصوته العميق وأوامره الحازمة ...
قاطع افكارها صوت باسم وهو يقول " يلا يا بنات الأكل هيبرد انا جيبته معايا بالمرة " ، لم تعلم الفتاتين كيف تبدلت نبرته بتلك السرعه وكيف ابدل القسوة الظاهرة على وجهه بابتسامته الهادئة من جديد وكيف سحب نبرة الحزم من طبقات صوته ،،، كيف بدا امامهما الان شخصا مختلفا ، ربما لأنهما فى مملكته وبين جدران حجرته السرية ، او ربما لأن تدرب على هذا مرارا وهو يخفى ما بداخله ولا يخرج انفعالاته الحقيقية ابدا ...
تراصت الاطباق على الطاولة المنخفضة ولم ينس باسم ان يدير موسيقى هادئة اضفت جوا مرحا على الجميع ، لم يكن باسم يأكل بقدر ما كان يقدم الطعام للفتاتين ، وهو ما لفت نظر حنين وهى تقول " ايه بقى انت ما بتاكلش ، انت عازمنا وهتفترج علينا ، ما ينفعش الكلام ده " ، اجاب باسم " النهارده انتوا ضيوفى وده واجب الضيافة " ، واصلا الضحكات والكلمات حتى انتهوا من وجبة دسمة ، اعتدلت بعدها بسمة وهى تقول " يا نهار .. ده انا كنت على وشك اكل حد فيكم من كتر الجوع " ، باسم " الحمد لله ربنا ستر " ونهض وهو يشير اليهما عن مكان الحمام الذى يتواجد جوار الغرفة السرية " ، وهو يقول " لازم شاى بقى بعد السمك !!" فأجابته حنين " انا هاعمل الشاى " ، لتعلوا ضحكة بسمة وهى تقول " تعملى ايه .. شاى ،انتى تعرفى الشاى بيتعمل ازاى اصلا " ، اكتسى وجه حنين بحمرة الخجل وهى تقول " مش صعب يعنى ، هتصرف " وفى عقلها لم تدرى لماذا سمعت كلمته وكأنها أمرا واجب التنفيذ وكيف تطوعت وهى لم تصنع كوبا من الشاى لنفسها حتى من قبل ، لم تجد سببا سوى انها قد وجدت روحها هنا فى هذا المكان ، هنا شعرت براحة غريبة لم تجدها فى منزلها الفخم ، شعرت انها تريد ان تتفقد كل شبر فى هذا المكان الذى تأكدت الأن انها ربما ستبقى فيه طويلا .
أشار باسم للمطبخ الصغير بينما تبعتها بسمة وهى تقول انا هاجهزلك كل حاجه وانتى تصبى الميه بس ، اسألى باسم هو بيحب الشاى ازاى ،، رغما عنها اندفعت حنين تبحث عن باسم فوجدته يجلس على كرسى فى وسط الصالة فوقفت على مقربة وهى تسأله " هو شاى حضرتك ايه " ، برقت عينا باسم ببريق حماسى وهو يقول " مظبوط ، الشاى بتاعى مظبوط " ، انطلقت عائدة مسرعه وهى تخبر بسمة التى انهت مهمتها وهى تغادر المطبخ قائلة " انا هقعد بقى السمك كابس على قلبى " بينما تابعت حنين المياه التى قاربت على الغليان ، فيما استقرت بسمة الى جوار باسم وهى تقول : الأوضة بتاعتك وهم ، اقولك على حاجه ، انا طول عمرى مش مقتنعه بفكرة السادية والعنف المبالغ فيه ده وياما حاولت اقنع حنين بده ، انما بصراحة انا اتوهمت من اللى شوفته ..
اعتدل باسم وهو يحدق فى وجهها كأنه يقرأ عقلها قبل ان يقول " وايه اللى شدك ، مجرد تجربة جديدة ، حاجه مختلفة "
ردت بسمة " مش عارفه بس متحمسة اوى " ،، ابتسم باسم وهو يقول " بصى يا بسمة ، فيه فى الدنيا تجارب كتير اوى عمرنا ما جربناها ، ويجوز لو عرفناها او جاتلنا الفرصة هنجربها ، انما انا بالنسبة لى الموضوع مختلف تماما ، صحيح انا ميولى سادية انما ما أعرفش اعمل ده بدون هدف ، يعنى اعاقب حد مش عشان عايز يجرب ، لا عشان أعلمه حاجه ، اخليها احسن ، او عيب موجود نستخدم العقاب عشان يتصلح ، دى حاجه ، الحاجة التانية بقى انى بدور على حاجه نادرة اوى "
بسمة " اي هيا " ،، سرح باسم بعيدا وهو يقول " كاجيرا " .... انطلقت الكلمة من شفتيه فى حماس كبير فى نفس اللحظة التى أتت فيها حنين تحمل صينية صغيرة تحمل عليها أكواب الشاى ، وبصعوبة وعندما استمعت الى الكلمة التى تعرفها جيدا اهتزت الصينية من يدها لولا ان بسمة قد نجحت فى انقاذها قبل ان تتسبب فى كارثة .
وشرد عقل حنين والكلمة تملأ كيانها بالكامل " من أى ركن بعيد فى روحها أتى بتلك الكلمة ، كيف توصل للوصف الصحيح لما تحتاج اليه وحقيقة ما تتمناه ، هل يعنى الكلمة بالفعل ، هل هو قادر على ان تشعر معه بتلك الحالة .. هل يمكن ان تصبح بالفعل .. كاجيرا "
اما بسمة فلم تتوقف عند الكلمة كثيرا فقد شغلها الجزء الاول من اجابته فقالت " يعنى يا باسم لو انا نفسى أجرب لازم يكون ده لسبب او غلطة عندى انا عايزة ابطله " ، رد باسم " ده الاسلوب الافضل ، ممكن يتعمل رول بلاى او سيناريو بس ده كأنه تمثيل مش أكتر ، الواقعية افضل بكتير ، واكيد لو اى حد مننا فكر هيلاقى عيوب جواه نفسه يغيرها ، ولا ايه "
فكرت بسمة قليلا قبل ان تقول " انا عن نفسى ، عايزة ابطل اكذب وانا تحت ضغط ، باشوفه الحل الاسهل دايما ، عايزة ابطل اشرب شيشة ، وحاجات تانيه كتير ، بس تفتكر العقاب البدنى ممكن يجيب نتيجة فى ده "
باسم بلهجة جزلة " نجرب " ،،، بس اوعدك ان الحاجه اللى عايزة تبطليها ، هتنسيها مش تبطليها بس .
بسمة " ايه الثقة دى كلها " ، باسم " لو مش واثق يبقى لازم تقلقى " ،،، كانت حنين حاضرة فى هذا الحديث بجسدها لكن عقلها كان قد سرح بعيدا فى تلك الحياة التى فجأة وجدتها تتجسد أمام عينيها ، ها هى فى بيته وقرب امتار من زنزانته التى طالما حلمت بها ، لم تراه سوى لمرتين لكنها تشعر بثقة عجيبة تجاهه كأنها تعرفه منذ سنوات ، ربنا لبساطته وربما لوضوحه ، لكنها لا تزال تحتاج الى كلمة سحرية تجعلها تقدم على تلك الخطوة .. فأين هى تلك الكلمة .
كان باسم قد اكمل قدح الشاى وهو يخاطب بسمة " الكذب من الغلطات ذات الاولوية اللى لازم تتحل بسرعه " ، ردت بسمة ضاحكة " يلا همتك " ،، باسم وقد عقد حاجبيه " همتى !!!! احنا فيها " ، وفجأة تبدلت لهجته ووقف قائلا بحزم " قومى " ،، ارتبكت بسمة امام جديته الواضحة وتلعثمت كلماتها " اييه . اقوم فين ، لا لا انا باهزر ، لا مش بهزر ، بفكر يعنى مش قررت " ، باسم " خلص الكلام ، قومى وكل دقيقة تأخير ليها عقاب تانى " ،،، قالها فبدت عميقة وكأنها تخرج من بئر سحيق ، لم تستوعبها حنين وانما دارت عينيها وكأنها تحلم وعقلها يردد " يال هذا الحزم يال تلك اللهجة الصارمة ، من أين أخرجت كل تلك الانفعالات داخلى ، كيف بدلت اسلوبك بهذا الشكل وبتلك السهولة " ، اما بسمة فقد اندفعت تقف لكنها لا تدرى ماذا تقول ، فلم يمهلها باسم وانما قادها امامه الى زنزانته وقد رمق حنين بنظرة طويلة ، لم تفهم حنين هل يأمرها ان تبقى مكانها ام يدعوها للمشاهده ، لكن بسمة قد حلت المعضلة وهى تقول " حاضر حاضر بس ارجوك خليها تبقى جنبى انا خايفة " ، وهنا التفت باسم من جديد لحنين وهو يومئ برأسه فى هدوء كأنه يقول " لا بأس ، تعالى " ، وبخطوات مرتجفه تحركت الفتاتين وقد تشابكت ايديهما خلف باسم وهو يتقدمهم داخل الغرفة السرية ويشعل الأضواء وفور دخولهما اليها اغلق الباب ،،،
وبينما اتسعت عينا الفتاتين فى رعب ، كان هو يحضر مقعدا خشبيا ووضعه جوار الباب واشار لحنين كأنه يخبرها " هذا هو مكانك واياكى ان تغادريه "
وفى نفس اللحظة امسك بيد بسمة يقودها الى وسط الغرفة وجوار كرسى عجيب الشكل اوقفها وهو يقول " اقلعى جزمتك " ، وكأنها تحولت الى روبوت يردد الكلمة ردت بسمة " حاضر" ، بينما توقف هو امام حائط قريب وكأن ينتقى اداته الاولى ، قبل ان تمتد يديه تجذب عصا رفيعة تنتى بقطعة جلدية صغيرة كأنها احد ادوات ترويض الخيول المعروفة ،
بسمة " طب هقول لحضرتك حاجه ، ممكن بلاش من أول مرة كده ، انا خايفه ، طب خلينا نعمل ده يوم تانى ، انا خلاص مش هكدب " ، ابتسم باسم قائلا " مش هتكدبى !! اهى دى فى حد ذاتها كدبة " ، بسمة " لا صدقنى مش هكدب تانى خلاص " ، تجاهلها باسم وهو يوجهها للجلوس على الكرسى ، جلست وهى تقول " طب بلاش العصايا دى شكلها مرعب " ، اتى صوته غاضبا وهو يقول " هتختارى مثلا الاداة اللى تتعاقبى بيها ، ده اللى كان ناقص " ، انحنى على الارض بينما يواصل حديثه الغاضب " انتى دلوقتى تحت ضغط واديكى بتكدبى وبتقولى مش هتكدبى تانى ، مش حتى هحاول او هاقلل ده ، ده معناه ان المشكلة لسه ما اتحلتش ، والحل على ايدى " ، لم تنتبه انه كان فى تلك اللحظات يحيط قدميها بحزام جلدى مثبت اسفل الكرسى ، لكن الوقت كان قد فات على ان تنتبه ، فقد فعلها باسم بالفعل وقبل ان تحاول ان تعترض او تنطق بأى شئ ، كان الكرسى يميل بها الى الخلف حتى لامس شعرها الارض قبل ان يستقر فى هذا الوضع جاعلا قدميها المقيدتين فى مستوى مناسب لضربات باسم التى بدأت تهبط دون سابق انذار فى ايقاع منتظم بدأ هادئا ثم ازداد قوة شيئا فشيئا ، ومع ضرباته تعالت صرخاتها التى حجبتها جدران الغرفة المعزولة ...
طوال تلك الدقائق لم تغادر صورة باسم عينى حنين وهى تحدق فيه اثناء عقابه لبسمة ، من كان يتوقع ان تكون تلك هى خاتمة اليوم ، صديقتها نفسها التى طالما استنكرت وسائل العقاب التقليدية القديمة ها هى مقيدة القدمين ورأسها على الارض تتلقى ضربات مؤلمة على قدميها كأنها طالبة فى احدى القرى النائية تتلقى عقابها من مدرسها على اهمالها .
اما صرخات بسمة فلم تتوقف طوال الضربات وانما كانت تعلو وتهبط على حسب قوة الضربة ، قبل ان تستجمع قوتها لتنطق وتقول " انا اسفة حضرتك مش هاعمل كده تانى ، مش هكددددددددددب " ، حينها توقف باسم عن ضرباته
توقعت ان الامر قد انتهى وانها قد نالت ما تستحق وان عقابها قد انتهى ، لكنها اكتشفت انها واهمة ، فقد اعاد باسم العصا الى مكانها على الحائط وهو يلتقط عصا اخرى اطول قليلا اشبه بخرزانه لكنها اكثر سمكا قليلا وقد احاطها بشريط جلدى كساها بالكامل ،، فصرخت بسمة " لا ارجوك مش قاااااااااادرة ، رجلى خلاص مش حاسة بيها " ، فيما عدل باسم الكرسى لتجلس من جديد بشكل معتدل وهو يقول " ومين قال انك هتضربى على رجلك تانى ، بسمة " هاااااااا" ،، قبل ان تستوعب او تفهم كان يميل بالكرسى مرة أخرى ولكن الى الامام فى تلك المرة فأصبحت تستند بوجهها وصدرها على الارض بعد ان استغل باسم لحظات جملته فى تثبيت شريط جلدى احاط بأكتافها حتى يمنعها من السقوط
وبدلا من ان يحمل الكرسى بسمة ، اصبحت هى من تحمله وقد استندت باكتافها وصدرها وركبتيها على الارض ، بينما باسم قد امتدت يديه الى قاعدة الكرسى وقد ازاح قفل خاص بها ، لتخرج تلك القاعدة بين يديه ويصبح الكرسى مفرغ كاشفا عن مؤخرة بسمة ، وهنا ادركت اين سيكون عقابها القادم ، فى نفس اللحظة الذى بدأت فيه ضربات باسم تتوالى على مؤخرتها التى برزت بعد ان ازاح هو قاعدة الكرسى ، ضربات متتالية ومعها صرخات مكتومة من بسمة التى لا تملك سوى صرخاتها ، بينما حنين قد انكمشت فى مكانها وهى تضم ساقيها فى قوة وينتفض جسدها مع توالى الضربات كأنها هى من تتلقاها ..
وبعد 50 ضربة كاملة وصرخات واعتذارات من بسمة توقف باسم اخيرا ، وامسك بالكرسى يعيده الى وضعه الطبيعى وقبل ان يحل قيود بسمة رفع رأسها وهو ينظر الى عينيها الدامعتين قائلا " ده الدرس الأول ، المرة الجاية العقاب اقوى ، مفهوم " ... لم تجيب بسمة سوى بإيمائة من رأسها فاعاد باسم كلمته الأخيرة " مفهوم " ، بأنفاس متهدجة اجابت بسمة " مفهوم حضرتك " .
فبدأ يحل قيودها الواحد تلو الاخر وهو يلتقط يدها يساعدها على النهوض ، وهى تتألم فور ان لامست قدميها الارض ، تركها باسم وهو يتجه لركن الغرفة البعيد حيث يوجد ستار داكن اللون ففتحه كاشفا عن مقعد وثير اشبه بشيزلونج الطبيب النفسى وهو يشير لبسمة ان تأتى الى هنا ، فتحركت بصعوبة حتى وصلت اليه فأشار لها لتعلو الكرسى الوثير الذى استقرت عليه من المنتصف وسادة صغيرة عندما لمستها بسمة اكتشفت انها وسادة مائية يحيطها غلاف جلدى سميك وقد احاطها باسم بغلاف من القطن جعلها تبدو كالوسادة ، وقال باسم " اقعدى عليها وافردى رجليكى ، وخلال دقايق كتير من الوجع هيروح ، المرة دى بدلعك عشان اول مرة ، انما ما تتعوديش على كده ، ابتسمت هى لأول مرة فى الدقائق الأخيرة وهى تقول " اه هو في اكتر من كده دلع " ..
ابتسم وهو يتحرك تجاه حنين التى بدت من بعيد كتمثال فارقته الحياة ، فانتزعها قربه من خيالها الذى اتجه بعيدا كالعادة وهو يقول " فى ايه مالك " ، اما حنين فقد احنت رأسها وهى تستجمع شجاعتها بصعوبة وهى تقول " انا كاجيرتك "
رفع باسم رأسها ليواجه عينيها وهو يقول " كاجيرتى ، انتى فاهمه انتى بتقولى ايه " ، لم تستطع ان تواجه عينيه وهى تعيد كلمتها فى صوت خافت " انا كاجيرتك " وتابعت " انا كنت بحلم بيك ، شوفت الاوضة دى فى الف حلم ، شوفت طريقتك واسلوبك وقسوتك وحنانك فى كل احلامى اللى كنت باشوفها وانا صاحية "
قبل ان تنطق كلمة لم تتخيل ان تنطقها من قبل " سيدى " ، فرد باسم " نعم " ، فتابعت " انا مش عايزة امشى من هنا ، مش طالبة منك الا حاجه واحده بس " ، باسم " قولى " ، حنين " خلى بالك منى ارجوك " ، باسم " اوعدك ، بس موضوع كاجيرتى ده محتاج كلام كتير وتدريب طويل " ، حنين " وانا جاهزة يا سيدى "
وكأن القدر قد اراد ان تتحقق أمنية حنين اسرع مما تتوقع فقد رن هاتفها فجأة كاسرا الصمت المطبق فى الغرفة ، وكانت قد اصطحبت شنطتها وهى تخبئ بها السيلف ديفينس الخاص ببسمة احتياطا لأى أمور تخرج عن السيطرة ، فانتفضت وهى تلتقط الهاتف لتجد والدتها على الخط ، فاخذت نفسا عميقا وهى تجيب " ازيك يا ماما " ، اتاها صوت والدتها متوترا وهى تقول " حبيبتى انا فى المطار ومضطرة اسافر يومين بس ضرورى جدا ، خلى بالك من نفسك ، في اكل فى البيت وانا سيبتلك فلوس احتياطى لأى طوارئ على الكومدينو اللى فى اوضتك " ، حنين " تروحى وترجعى بالسلامة يا ماما "
اتاها صوت والدتها وهى تقول " انا عاملة رومينج ، هاكلمك لما اوصل ، ارجوكى ما تخلينيش ابقى قلقانه عليكى ، انا عندى شغل مهم اوى هاخلصه فى اسرع وقت وارجع " ، اجابت حنين وهى تبتسم " ما تقلقيش يا ماما خالص " .
انتهت المكالمة وقد اكتست ملامح حنين بفرحة غامرة ، واندفعت تجاه بسمة وهى تقول لباسم " بعد اذنك يا سيدى ثوانى " ، اقتربت من بسمة وهى تقول " ماما مسافرة يومين ، انا خلاص قررت ، هو ده سيدى اللى كنت بحلم بيه ، انا مبسوطة اوى ، اقدر اشوفه بكره وبعده وبراحتى "
بسمة " بينى وبينك هو يطمن ما يقلقش ، صحيح لما بيقلب بيخوف ، انما مش عارفه انا واثقة فيه "
واعتدلت بسمة لتنهض وقد شعرت بالألم ينسحب رويدا من جسدها تاركا اثرا مقبولا لم يشكل لها عبئا ، وامسكت بيد حنين وهى تواجه باسم قائلة " انا مش عارفه اشكرك ولا اتخانق معاك ، بس بصراحه ميرسى بجد انك عملت ده ، انا حاسة انى هتردد الف مرة قبل ما اكدب تانى " ابتسم هو قائلا " لا ده تأثير السيشن بس بكره هتكدبى تانى وتالت ، لسه قدامنا وقت على ما نقضى على العيب ده "