راشيل أرملة أحببتها - 2

Story Info
Rachel, a widow that I loved -2.
2.7k words
0
15
00
Story does not have any tags

Part 4 of the 13 part series

Updated 10/11/2023
Created 09/09/2023
Share this Story

Font Size

Default Font Size

Font Spacing

Default Font Spacing

Font Face

Default Font Face

Reading Theme

Default Theme (White)
You need to Log In or Sign Up to have your customization saved in your Literotica profile.
PUBLIC BETA

Note: You can change font size, font face, and turn on dark mode by clicking the "A" icon tab in the Story Info Box.

You can temporarily switch back to a Classic Literotica® experience during our ongoing public Beta testing. Please consider leaving feedback on issues you experience or suggest improvements.

Click here

راشيل أرملة أحببتها – 2

ظل أحمد يربت على راشيل ويضمها جانبيا ويقبل خدها وهى تبكى وتتكلم معه، حتى هدأت واطمأنت وقالت له بشقاوة أطفال فجائية: لنذهب إلى معبد فيلة. قال أحمد: يا مجنونة معبد فيلة مغطيه من تحت الفيضان والنيل بسبب خزان أسوان. قالت له: ماليش دعوة نروح بالمركب ونبص على كشك تراجان. وركبا معا القطار إلى أسوان. وهناك ركبا المركب مع نوبى إلى جزيرة فيلة الغارقة تحت مياه النيل والمياه تغطى النصف السفلى بل تغطى المعبد بالكامل فالفترة الوحيدة فى ذلك العصر قبل بناء السد العالى وقبل انقاذ ونقل معبد فيلة – كما تم مع معبد أبو سمبل – التى يظهر فيها المعبد من تحت الماء هى الفترة بين شهرى يوليو وأكتوبر. والآن ديسمبر خلعت راشيل فستانها برشاقة وكعبها العالى لتبقى بالمايوه القطعة الواحدة وكانت قد علمت أحمد الغطس منذ فترة قريبة لكنه كان يخاف من الماء لكنها صممت أن ينزل معها. ونزل معها أخيرا ليغطسا تحت الماء. وكان ضوء الشمس القوية يصل تحت المياه حتى عمق 200 مترا وبالتالى كان يضئ معبد ايزيس وكشك تراجان والأعمدة وكافة أنحاء المعبد وكانت راشيل وأحمد يتأملان المعبد تحت الماء قليلا ثم يخرجان لالتقاط أنفاسهما بعد حبسها. وهما يرتديان النظارات الواقية للسباحين وسدادات الأذن. ثم عادا للمركب يلهثان ويجففان جسديهما ويرتديان ملابسهما. لبست راشيل فستانها وكعبها العالى، ولبس أحمد قميصه وبنطاله وجوربه وحذاءه. قالت له لاهثة: نفسى ف يوم يطلع فوق المية بقى اخر معاقل الديانة المصرية القديمة اللى صمدت قدام غزو المسيحية والفكر اليهودى لمصر وابعادها عن ديانتها لديانات الغرباء. سمعت صوتا كأنه وحى يقول لها مرددا كأنما هو قادم من السماء: هيحصل هيحصل بس مش دلوقتى سنة 1972 لغاية 1980. فزعت راشيل وقالت لأحمد: سمعت الكلام ده. قال أحمد متسائلا: سمعت ايه ؟ ما سمعتش حاجة. قالت: إزاى ده صوته كان عالى راجل قالى هيحصل هيحصل بس مش دلوقتى سنة 1972 لغاية 1980. وسألت النوبى فأجابها بأنه أيضا لم يسمع أى شئ مما تتكلم عنه. كانت فى حيرة من أمرها وظنت أنها تهلوس بسبب نقص الأكسجين وحبس أنفاسها. ثم سمعت الصوت يكمل قائلا: وهتحسى بالهدوء التام والروحانية والسكينة والراحة اللى ملهاش مثيل هناك وساعتها هتتمنى تعيشى ليل ونهار وطول الايام والليالى ف معبد فيلة. ثم سكت الصوت وأغشى على راشيل من الصدمة والذهول وخاف عليها أحمد وضمها وظل يقبلها ويحاول إفاقتها بلمساته لخدها وبصوته وكلامه الرقيق جدا معها دوما، وأخذ غرفة من نهر النيل وألقاها على وجهها فارتدت مفيقة وقالت: أنا فين ايه اللى حصل ؟ لم يرد عليها سوى بقبلة بشفتيه لشفتيها لأول مرة بحياته أودعها كل شغفه وشوقه ولهيب حبه وعشقه وهوسه. والنوبى مشدوه من المشهد ولكنه لا ينبس ببنت شفة. فلما أنهى القبلة أخيرا وقد سرحت معه فيها وبادلته إياها انتفضت وقالت: بتعمل ايه يا أحمد. أنا زعلانة منك انتى خدتنى على خوانة. ازاى تستغل انى مش واعية وتعمل كده أنا أختك ومامتك. قال لها أحمد: آسف يا ربتى. סליחה, האלה שלי. إسليخاه هاييلاه شيلي. وظل يقبل خدها ويضمها فهدأت وقالت: حسنا ولكن لا تعيدها وإلا لن ترانى مرة أخرى. عض أحمد شفته حتى أدماها صرخت راشيل وقالت: لماذا فعلت ذلك ؟ وهى تمسح دم شفته وتمتصه بفمها من إصبعها وتضغط على شفته لتوقف النزف قال: لم أتحمل تخيل أنك ستمنعيننى من رؤية وجهك الجوزائى البدرى وضمك من جنبك وظهرك ومقدمة بدنك. حينها وصلوا إلى الضفاف فمنحوا النوبى أجرته وانصرفا والنوبى يقول لراشيل: خلى بالك منه يا ست دا واضح انه مجنون بيكى ربنا يخليكم لبعض. نظرت راشيل طويلا لأحمد كنظرتها له بعدما قبل شفتها لأول مرة فى حياتيهما. بنظراتها الهادئة الجذابة. وانصرفت ممسكة يده كأم تجر ابنها جرا. وسارا حتى بلغا اللوكاندة وتناولت مفتاح الغرفة وصعدا.
فلما دخلت مع أحمد إلى الغرفة قررت الدخول للحمام للاستحمام قائلة له: اعمل حسابك تستحمى بعدى. وبعد قليل خرجت ملتفة بالبشكير وشعرها مبلل وأشعث قليلا وساقاها معظمها عاريتان وقسم من نهدها وطبعا ذراعاها وأعلى صدرها عار. ودخل أحمد من بعدها للحمام بعدما حاول ضمها وتقبيل خدها لكن قالت: بعدما تستحمى اعمل اللى انت عايزه. بعد قليل جاء ووجدها مرتدية ثوب نومها. ومستلقية بالفراش وقالت: أنا تعبت النهارده بس عجبنى المشوار.. بس لسه مش قادرة أفهم الصوت اللى سمعته مرتين ده حقيقة ولا تهيؤات.. ارتدى أحمد ثيابه خلف باب خزانة الملابس فهو رغم عشقه لها وهوسه بها إلا أنه خجول جدا لا يستطيع التعرى أمامها فضحكت مما أخجله أكثر ولكنها لم تعقب بكلام كيلا تزيد خجله. فلما ارتدى ثيابه أو بيجامته. استلقى جوارها وكانت تعطيها ظهرها نائمة على جنبها فاستلقى على جنبه ولف ذراعيه حولها وفوق بطنها وشابك يمناه فى يسراه يضمها بقوة تأوهت متألمة منها وقالت: بالراحة مش جامد كده. احضن بس بالراحة. مما جعله يشتعل لوعة وهياما ويغمر قفاها ومؤخرة شعرها بالقبلات. وكان يراعى دوما أن يبعد أيره المنتصب عن جسد إلهته العبرية راشيل. هو يريد حبه أن يكون رومانسيا بالأساس كما أنه يخشى أن تشعر هى بالإهانة لو تواقح ودس انتصابه فى ردفها، ولم يكن يخفى عليها وهى امرأة سبق لها الزواج وتعلم الرجال ورغباتهم أنه يتعمد ألا يمس بدنها بانتصابه. ويحرص دوما على بقاء تلامسهما أحضانا خلفية وجانبية وضمات أمامية وقبلات خدود وقفا ويد وكانت تمنحه يدها بدلال ورقة ليمارس الحب معها بشفتيه ولسانه لحسا ومصا لأناملها وخاتمها وكفها وظاهرها بخشوع وتبجيل وتأليه. ويضمها كوليد يخشى فراق أمه وليس كشهوانى يشتهى الجنس. كان رومانسيا عاطفيا روحانيا كثيرا بعلاقته بها ويراها إلهة لا ينبغى له تدنيسها بشهوانية ويرى حبه وعشقه له أرقى وأبقى وأكثر خلودا من مجرد لذة عابرة وشهوة تخمد سريعا بفراغها. أو بالأحرى والأقرب أنه يريد أن يشبع منها قلبه وعقله وروحه – ولن يشبعوا منها أبدا مهما نهلوا- قبل وبعد أن يشبع منها جسده، فإذا هدأ جسده وشبع فإن روحه وعقله وقلبه لا يشبعون ولم ولن يشبعوا من راشيل أبدا. كان لا يطيق أن يمضى ليلة دون أن يمسك يمناه بيسراه فوق بطنها وهو يضمها بقوة من الخلف، أو فوق جنبها وهو يضمها جانبيا، أو فوق ظهرها وهو يضمها من الأمام.. ولا تهدأ أنفاسه ولهفته ويطمئن إلا حينها وعندها ينام، وراشيل تبتسم بأمومة وتتحسس يديه برفق.
وأخيرا أتى الصباح وزقزقة العصافير علت، ولم يجدها أحمد إلى جواره ولا فى حضنه فنهض كالمجنون يناديها، ضحكت وأتاه صوتها من الحمام قائلة لا تخف لم أهرب منك ولم أهجرك. ثم أضافت ماذا ستفعل حين تتزوج أستريدنى رفيقة لك فى بيتك مع عروستك ؟ قال أحمد: لن تكون بحضنى عروسة سواك. خرجت راشيل تزداد جمالا وبهاء.. وجلست أمام المرآة تعتنى بنفسها قليلا.. ثم أخرجت من الدرج شوفارها من قرن الكبش، المطعم بالفضة والذهب والمنقوش عليها اسم راشيل بالعبرية רָחֵל واللغة المصرية القديمة بالخط الهيروغليفى ثم ناولته لأحمد قال لها: ايه ده ؟ قالت بحزن: محدش عارف بكرة شكله إيه فده هديتى ليك عشان تفتكرنى بيه كلما تشتاق لى وأوحشك أنفخ فيه وأنا كنت دايما بشوفك وانت بتبوس النقش البارز רָחֵל وبتحكه فى خدك وبتوشوشه وانت فاكر إنك لوحدك وإن محدش شايفك أنا شفتك وسمعتك وانت بتقوله إنك حاسس إن جزء من روح إلهتى العبرية راشيل ساكن فيك دايما يا شوفار زى الشيكيناه انت شيكيناه راشيل ومسكنها وسكينتى الناتجة عن حضرتها الإلهية القبالانية فيك. نزلت دموع أحمد عندها فمدت راشيل يدها تمسح دموعه بحنان وأمومة وعيونها الجوزائية الساحرة تنظر بعيونه وتطمئنه بكلمات رقيقة ونظرات خلابة وقالت: لأ ماتبكيش وغلاوتى عندك. خد الشوفار وافتكرنى. وتجمد أحمد بمكانه مصدوما وهو يراها تبتسم له ثم تنصرف واكتشف لأول مرة أنها ترتدى ثياب الخروج والكعب العالى وتحمل حقيبتها، ولوحت له ثم انصرفت ولم يستطع استيعاب الأمر إلا بعد ذهابها بفترة وإفاقته. بدأ يبكى ويحك الشوفار ونقش راحيل العبرى فى خده وفمه ويتذكر طعم التفاح المغمس بعسل النحل وهى تطعمه إياه فى رأس السنة العبرية بأكتوبر الماضى روش هاشاناه وتسقيه بعض نبيذ الكيدوش الأبيض وتطعمه بذور الرمان وكعكة الليكاخ المحلاة بعسل النحل وخبز الحالاه وسمك الجفليت (طبق مصنوع من خليط مسلوق من سمك الشبوط وسمك الكراكى والسمك الأبيض) وأطعمته من البلح وكعكة التفاح والقرفة اليهودية وبسكويت عسل النحل ومربيات الفواكه والكراث والسبانخ والجزر والفول الحراثى الأخضر. ويسترجع صوتها الرائع وهى تتلو البركات التسع عشرة بالعبرية وصلاة العميدا وصلاة أبانا ملكنا فى رأس السنة العبرية وأيام التوبة العشرة وعيد الغفران يوم كيبور وأهلها وهم يصومون عيد الغفران كصيام رمضان. ويسترجع باسما بحزن وراشيل تقول له: مش قلتلك إحنا مجانين زيكم وبرضه أدعيتنا لليهود وبس والباقى كوخة زى ادعيتكم. ويسترجع حين ذهب معها وأسرتها إلى نهر النيل للقيام بطقس التشليخ حيث يتلون الصلوات بالقرب من المياه المتدفقة الطبيعية ويلقون خطاياهم بشكل رمزى فى الماء أو يرمون الخبز والحصى فى الماء كرمز للتخلص من الخطايا. وحين كان يحييها بالعبرية شاناه توفاه أى أتمنى لك سنة جيدة. لم يقوى أحمد على التوقف عن البكاء وتحسس شوفار راشيل وتقبيله ووشوشته ووصفه بشيكيناه إلهتى العبرية راشيل وحضرتها الإلهية وروحها الساكنة فيها. إلا بعد فترة وبعدما ابتعدت راشيل جدا.. وحين نهض وقرر العودة إلى القاهرة يسابق الزمن كى يلتقى براشيل مع افتتاح رأس السنة الميلادية الجديدة 1949 كانت راشيل وأسرتها قد غادروا مصر كلها تاركة له الغلاف الفضى للفائف وقراطيس التوراة لكنه لم يكن يحوى لفائف وقراطيس التوراة العبرية، وإنما كان يحتوى على معظم شعرها الطويل الغزير لقد قصت معظمه كما فهم الآن وتركته له تذكارا مضفرا ومعطرا وممسكا بالمسك ومعه رسالة على الجلد بالحبر الشينى بخطها العبرى الرائع تعبر له فيها عن حبها الأمومى والأختى والإنسانى له وأنها بمجرد أن تستقر فى بلد ما مع أسرتها وسط أقاربهم الكثيرين فى أوروبا والاتحاد السوفيتى وإيران وتركيا وشمال افريقيا حيث يعلم ورأى من قبل لفائف جلدية طويلة لنسبها وأسرتها وشجرة اسرتها العائلية اليهودية الكثيرة الفروع منذ الشتات ومن قبله فى أنحاء بلدان العالم القديم أى آسيا وأوروبا وأفريقيا. ونسبهم حتى يهوذا بن يعقوب. وكان يطالع اللفافة الطويلة جدا عندهم بالعبرية باستمرار ويرى اختلافات الخطوط والكتابة وقدم الجلد وظهور عوامل الزمن عليه مما يوضح أنها مكتوبة على مر أجيال وأجيال بالفعل بأيدى أشخاص مختلفين عديدين ووصلت إلى أسرة راشيل كميراث لهم وككنز يحافظون عليه بعناية بالغة وتناقلته بعض أيدى الكهنة عبر العصور ولا تزال روائح دهن المسحة العبرى منتشرة فيه نفس العبق الذى يفوح من راشيل ومن شعرها وبدنها بشكل طبيعى وكأنها ملكة أو قديسة أو كاهنة أو نبية، روائح المر والذريرة والقرفة والسليخة وزيت الزيتون .... اضافة لدهن المسحة العربى رائحة المسك والعنبر والياسمين والعود. حيث كانت راشيل كثيرا ما تغرق شعرها وشعر أحمد بدهن المسحة وبهذه العطور الأخرى فيقول لها: انتى مش محتاجة تحطى منها عليكى انتى ريحتك مسك وعنبر طبيعى. وكانت هكذا بالفعل عبقها الطبيعى مسكى عنبرى يفوح بعبق دهن المسحة وعبق العطور العربية والعبرية معا. وتاه أحمد فى ملكوت شيكيناه إلهته العبرية الجوزائية راشيل فاقدا بالإحساس بالزمان والمكان، وامتنع عن الطعام والشراب والدموع تتساقط من عيونه محتضنا شوفار راشيل ووعاء التوراة الفضى المحتوى ضفيرات شعرها الأسود الفاحم الغزير ورسالتها الجلدية العبرية إليه بخطها الرائع كأنه مطبوع. ولم ينقذه من حاله الذى أعجز أباه وأمه سوى وصول رسالة من راشيل جلدية عبرية أيضا بخطها الرائع وكأنه يسمع صوتها يغنى ويرنم المزامير والصلوات والرسالة كأنها ترنيمة ومزمور فى أذنيه وكأن يداها تمتدان من داخل الرسالة لتعانقه وتضمه وتقبل خده وتنظر بعيونها الجوزائية الساحرة بعيونه، وتهمس له وتتحسس خديه بأمومة وحنان وقرأ الرسالة طيلة النهار وبالليل نهض بنشاط ليأكل بنهم وعيونها الجوزائية المعبرة كعيون دوناتيللا داميانى وكعيون مذيعة النيل الثقافية الرائعة ريهام منيب تنظر إليه وترانيمها وصوتها الرائع يتردد ممتعا أذنيه ورائحة دهن المسحة العبرى والعربى التى كانت تفوح منها دوما تملأ أنفه ويداه وذراعاه تسترجعان إحساس بدنها البض بينهما وهو يضمها من خلف أو جنبها أو أمامها إليه ويطمئن فيذهب بنوم عميق وراشيل بحضنه. وعيونه تتذكر قدميها الجميلتين وساقيها وقد زاد الجورب الطويل المزخرف الشفاف الأسود من جمالهما وفتنتهما وفتنتها هى ككل. وتتذكر وجهها الجوزائى البدرى وأذنيها وأنفها وشفتيها ويديها. كان يحن إليها حنين اليتيم لأبويه المتوفيين. وتتذكر كل فساتينها وخواتمها وغوايشها وقلائدها وأقراطها تحفظها عن ظهر قلب.. وشعر أحمد وهو يتذكر بعيونه وأذنيه وأنفه راشيل وكل ما يتعلق براشيل، شعر بالائتناس والاستئناس والألفة التى اعتاد أن يشعر بها وهى بقربه وحين تدخل عليه من الباب وحين تطرق الباب ويفتح لها وحين تكلمه وتحدثه ويسمع لها مستأنسا بحديثها، وكلما رآها بكل يوم رآها فيه وكل موقف، صيفا وشتاء.. لقد أدمنها واعتادها وحفظ عن ظهر قلب ونحت ذكراها فى ذاكرة عيونه وأذنيه وأنفه ويديه.. ولم يعد ينام إلا وهو يخرج ضفائر شعرها الأسود الفاحم الغزير الغليظة المعطرة بدهنى المسحة العبرى والعربى ويلف ضفائرها حول شوفارها المطعم بالذهب والفضة والمنقوش عليه اسمها بالعبرية والهيروغليفية. ويأخذهما بحضنه وسط الوسادة. فيشعر أنها معه لا تزال ولم تغادر.
أما راشيل فكانت منشغلة عن أحمد تماما بترتيبات مسكنها الجديد مع والديها وإخوتها الصغار فى إسرائيل المقامة حديثا حيث كانوا ضمن موجة هجرة ليهود مصر بعام 1949 وكانوا متواضعى الدخل والحال فلا يستطيعون الهجرة لدول أوروبا، وقد اضطروا لذلك بعدما تعرض إخوة راشيل الصغار لمحاولة القتل من بعض أعضاء الإخوان المتعصبين، مما جعل والدا راشيل يستقران على القرار السريع بمغادرة مصر وكلهم حزن ودمع وألم، وكانوا يعلمون بوجود فروع وأقارب يهود آخرين لهم فى بلاد أخرى بشمال أفريقيا وإيران وتركيا وأوروبا منذ زمن النبى إرميا ومنذ بدء الشتات اليهودى بأنحاء العالم القديم بين شمال أفريقيا وروسيا وأوروبا بعد طرد الرومان من فلسطين عام 70 ميلادية. لكنهم لا يعرفونهم بشكل شخصى أبدا. وكان الوضع مستعجل ومن الأساس معظم يهود أوروبا عموما يسارعون حاليا للهجرة إلى إسرائيل رغم استمرار حرب فلسطين 1948 لمارس 1949 وتوقيع اتفاقية الهدنة فى رودس مع مصر ولبنان وسوريا والأردن والعراق، لكن الأفق والنتائج الحالية كانت لصالح الإسرائيليين.. وحين وصلت راشيل وأسرتها إلى إسرائيل فى يناير 1949 منحتهم الدولة خيمة من مخيمات اللاجئين اليهود المؤقتة فى ذلك الوقت التى كانت تعرف باسم معبروت. وفوجئت راشيل خصوصا بالوضع وكيف أن المتعصبين الإخوان تسببوا فى تركهم لبيتهم وحيهم وبلدهم التى عاش فيها آباؤهم وأجدادهم طوال ألفى عام على الأقل.. ليأتوا لهذه البلاد البائسة وهذا الوضع البائس وليعيشوا فى مخيم حياة غير آدمية فما الفرق بينهم وبين اللاجئين الفلسطينيين الآن وبين يهود ألمانيا وأوروبا الشرقية الذين احتجزوا فى معسكرات الاعتقال النازية ثم الآن فى معسكرات الاعتقال البريطانية فى قبرص لحين نقلهم إلى إسرائيل حيث سيعيشون فى هذه المخيمات غير الآدمية المعبروت. قالت لأمها: شايفة الوضع الزفت اللى شوية الإخوان المتعصبين حطونا فيه. وكانت غاضبة جدا فهدأتها أمها وقالت: اهدى يا راشيل شوية هنعمل إيه يا بنتى إخواتك هيتقتلوا لازم نستحمل عشانهم.. قالت راشيل فى ثورة: أنا قرفت يا ماما قرفت ياريت نموت ونرتاح بدل ما العالم والعرب والغرب بيبيعوا ويشتروا فينا كده ولا كأننا جربة.. وأخذت تبكى وجلست على الأرض أمام المخيم فى حزن تنظر إلى أسر يهودية أخرى نساء واطفال ورجال وشباب وفتيات ولهجاتهم العراقية والمغربية واليمنية تبلغ مسامعها.. كانت فى تلك اللحظة تود بالفعل الموت وتلعن فقر حالهم بينما أثرياء اليهود تمكنوا من الهجرة والإقامة فى فرنسا وأمريكا يضطرون هم لهذا الوضع المزرى الكابوسى المرعب. أكد لها بعض صغار المسؤولين الإسرائيليين أن هذا الوضع مؤقت وسيتم تسكينهم لاحقا مؤقتا فى أكواخ من الخشب أو الصفيح لحين انشاء مساكن لهم ومدن تنموية فى نفس المكان أو نقلهم للكيبوتسات أو لإحدى مدن إسرائيل القائمة أصلا وأن هذا الوضع لم ينتج عن تفاجؤ الدولة بعدد المهاجرين بل إن ديفيد بن جوريون رئيس الوزراء قد أعد خطة هجرة المليون يهودى من أوروبا ومن شمال أفريقيا منذ عام 1944 وأودع فيها تفاصيل لانشاء مخيمات المعبروت هذه. ولم يكن هو وهى يعلمون أنه خلال سنوات قليلة أيضا ولعقود تالية ستحصل هجرة عكسية قليلة تقدر بنحو العشرة بالمئة عكس العالية تسمى اليريدا بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة وخيبة الأمل واستمرار الصراع العربى الإسرائيلى والطموحات الأكاديمية، ليهاجروا إلى دول أوروبا وإلى أمريكا واستراليا وكندا وجنوب أفريقيا حيث الأمان والحياة الأفضل.
كل هذه التطورات كانوا غافلين عنها، ولم تهتم راشيل أصلا لتطمينات الرجل بل كانت فى حزن وكآبة لوضعها ووضع أسرتها، ولو بقوا ليوم واحد فقط فى هذا الوضع فهو جحيم مقيم.. والمراحيض بدائية وغير آدمية.. ومع مرور الأيام متثاقلة وسقوط الأمطار عليهم ومعاناتهم من برودة شتاء يناير وفبراير، كما انتشرت عدوى التراخوما بين اليهود العرب وحاولت الدولة احتواء المرض قبل تفاقمه بالعمى.. كانت راشيل يائسة تشعر أنها ريشة فى مهب الريح لا حول لها ولا قوة، وظلت معظم الوقت بالفراش ذاهلة صامتة جامدة وكانت أمها من تقوم بجلب الماء وجلب الحليب والطعام بمساعدة والدها، بينما يسندان راشيل لتتناول بعض الطعام والشراب أو يصحباها للمرحاض لتقضى حاجتها. وهى مثل المغيبة والمنومة مغناطيسيا فاقدة النطق فى حالة صدمة متجمدة المشاعر تماما وظلت على هذه الحال حتى أصيبت أمها فى الصيف بحمى التيفوئيد أو التيفود ونقلها المسؤولون فورا لمعسكر عزل خوفا من انتشار العدوى كما فحصوا راشيل ووالدها وإخوتها وكل من بالمخيم فلما تأكدوا من سلامتهم وخلوهم من المرض المعدى الخطير. تركوهم بالمخيم. ورفضوا السماح لراشيل التى أفاقت من الصدمة بزيارة أمها حتى جاءها خبر وفاة أمها بعد أيام قليلة من نقلهم لها لمعسكر العزل الطبى الوبائى ولم يسمحوا لها برؤيتها ولا للأسرة. وعادت راشيل لجمودها وحزنها ونحفت وبدا عليها الهزال والضعف والذبول.. حتى أشفق عليها والدها.. وحتى حين مر عام ونصف وفى منتصف 1950 قررت الدولة انشاء أكواخ الخشب والصفيح لسكان المعبروت لم تتأثر راشيل ولا فرحت لفرح والدها وإخوتها.. كانت حزينة من كل جانب حزينة على فلاديمير وا أسفاه على فلاديمير .. وحزينة لفراق مصر وحزينة لوفاة أمها.. وحزينة للوضع المزرى فى هذه البلاد المشؤومة التى تكرهها ولا ترى لها أية قدسية ولا أى ميعاد، التى أخذت منها أمها وحرمتها منها، ولا تدرى من التالى من أفراد أسرتها،

Please rate this story
The author would appreciate your feedback.
  • COMMENTS
Anonymous
Our Comments Policy is available in the Lit FAQ
Post as:
Anonymous