رواية نور وشمس - الفصل 1 حتى 5

Story Info
Light and Sun. Ch. 1 to 5.
8.6k words
0
14
00
Story does not have any tags
Share this Story

Font Size

Default Font Size

Font Spacing

Default Font Spacing

Font Face

Default Font Face

Reading Theme

Default Theme (White)
You need to Log In or Sign Up to have your customization saved in your Literotica profile.
PUBLIC BETA

Note: You can change font size, font face, and turn on dark mode by clicking the "A" icon tab in the Story Info Box.

You can temporarily switch back to a Classic Literotica® experience during our ongoing public Beta testing. Please consider leaving feedback on issues you experience or suggest improvements.

Click here

نور وشمس

الفصل الاول

تململت المراة جوار زوجها ونهضت اخيرا تتنهد من الفراش. وعدلت قميص نومها الساتان الابيض القريب من الفضى ذا الحمالات الرفيعة الطويل المشقوق على طول جانب الساق والمزينة حوافه بالدانتيل. هو ذاته مزين بالدانتيل الشفاف المعقد الزخارف والنقوش عند اكواب النهدين. كانت ذات نهد ثقيل وجميل يزين كل ثوب ترتدى للنوم او للبيت او للشارع. نهد جرئ وقح كاعب يعلن عن ثقله مصوبا للامام يفرض نفسه على صاحبته وعلى الجميع. مما يجعل عيون الرجال سريعة فى الانتقال لاشعوريا من وجهها الى صدرها.

قبلت المراة زوجها من خده. ثم بشراهة وحب من فمه. فبادلها القبلة وقد استفاق قليلا من نعاسه وصار محصورا بين اليقظة والنوم وتململ من اصرارها رغم انه لا يفعل ذلك فى يقظته. فى يقظته يكون متاججا مثلها. تشن عليه عدوانا غراميا احيانا او يبدا هو بالعدوان احيانا اخرى. لكنها ابدا لم تنفر او ترفض ذلك. كانت ساعة جسدها تلقائيا منضبطة على مواعيد ونشاط حبيب قلبها الذى التقته منذ مراهقتهما. بل منذ طفولتهما. كانا جيران وزميلين فى نفس المدرسة التجريبية المشتركة حتى الثانوية. كان يدور حولها دوران النجم حول نجمه الثنائى التوأم. واما هى فكانت تدور حوله دوران القمر حول الارض او الارض حول الشمس او الشمس حول المجرة. لم يكن يقلل منها ولكنها كانت تكبره وتعظمه وتحترمه. لم تكن من هؤلاء النسويات المصريات المعقدات والمريضات نفسيا اللواتى يكرهن الرجال ويودن لو يسحقنهم ويستعبدنهم او يخصينهم ويتمردن على قيادتهم للاسرة. لم تكن تعرف هؤلاء النسويات ولا هو. فقد تزوجا قبل ظهورهن. ورغم ان كل الفتيات فى عصرهما كن ينادين ازواجهن او عشاقهن باسمائهم مجردة يا فلان. الا انها كانت تصر على ان تنادى زوجها يا سى فلان. او حتى يا استاذ فلان. وهو بالمثل كان يناديها يا مدام فلانة. كان يحترمها جدا وحاول مرارا اثناءها عن كلمة سى. لكنها كانت مصممة عليها. فاستسلم لرغبتها. كانت عنيدة جدا وشرسة اذا تشاجرت وعصبية وانفعالية سريعة الغضب قوية السخط بشكل انفجارى. وكان هو ايضا عصبيا ولكنه اهدا منها. راها هكذا مع ابنيهما. لكن لم تفعل ذلك معه الا اذا تدخل لصالح الاولاد او دفاعا عنهما.

ذهبت المراة المتوسطة الطول المائلة للقصر قليلا. الى الحمام. عدلت شعرها الطويل ونظرت فى المرآة مطولا لوجهها وتجردت وتاملت جسدها الشهى من قمة راسها حتى قدميها الحافيتين. تذكرت كلمات الغزل الكثيرة التى يتحفها بها زوجها كلما وقعت عيناه عليها فى كل مكان وكل زمان. وفى كل ملبس تلبسه وحين تتجرد ايضا. لم تكن تفهم ماذا يحب فيها وكيف يراها بكل هذه الجاذبية. وهى ترى نفسها مجرد انسانة عادية جدا. معظم النساء مثلها متواضعات. لمست بيدها معبد اللذة بزر الورد وبتلات الوردة. والذى كان غارقا فياضا بنهر الحب العاجى الذى جاد به زوجها فى اعماقها الحريرية نهار امس وقررت بعدها ان تبقى محتفظا به لاطول وقت ممكن. كانا ورغم مرور نحو عشرين عاما ونيف الان على زواجهما. كانا غاية فى الرغبة المتقدة. كانا ينتهزان كل فرصة ولو كل يوم حتى ليجددان الثورة ولعبة جبال القمر وبحيرة فيكتوريا وفيضان النيل كما يسميانها او يخبران بها اولادهما. لم يكن يقوى على الصبر حتى نوم الاولاد. ولم يكن يفضل السهر اصلا. كان مبكر النوم ومبكر اليقظة. وهى ملتزمة بطباعه رغم انها تميل لغير ذلك لكن تحترم اختلافه ولا تسهر ولا تقلق نومه وراحته.

لم تعرف رجلا سواه فى حياتها وكان ابو عذرتها. مع ذلك لم تكن تتصور ان هناك افضل منه فى الحب او امتاع معبد لذتها وعمود متعته. او اقوى او اغرب. كانت حين يمارس معها لعبة الجبال والبحيرة والفيضان تشعر ان الامر يدوم ساعات. وبالفعل كان يدوم ساعات. راحة وعودة. تخفيف اتقاد الجمرة ثم اشعالها مجددا. كانت تشعر فى كل لقاء وكل دور من ادوار اللعبة انها نعجة مشوية. يلتهمها آكل جائع لم ياكل منذ سنين. لم يكن عنيفا بل كان فى رقة النسيم معها. لكن لهفته عليها لم تضعف يوما او مرة. كان يبذل الحب لكل شبر فى بدنها. لم يكن يقتصر على المطارحة الاساسية الفاصلة الحاسمة النهائية ايا كان اسمها. بل على العكس كانت اخر اهتماماته. وهى بالمثل اصبحت لديها اخر ما يشغلها فى اللعبة.

تبولت وتغوطت وغسلت شعرها الاسود الناعم الطويل وسمعت صوت زوجها ينادى: يا نور. يا نور. خرجت مسرعة اليه كما ولدتها امها وقالت له: لبيك حبيب قلبى. هل تريد منى شيئا يا سى كمال. قال وهو ينهض وعيونها منجذبة لشعره الناعم وبياضه الناصع كبياضها. بل افتقدتك فى الفراش وخفت ان تكونى رحلت. قالت فى نفسها: يا الله. كم مرة يكرر على مسامعى هذه الكلمة رحلت. كيف ارحل يا حبيب قلبى ونور عينى وروح قلبى. ولماذا ارحل. وهل لى سواك. انت ترى بنفسك كيف اطعتك وقاطعت اهلى الا لماما زيارة كل عام لهم. اننى يتيمة من كل احد مقطوعة من شجرة. وانت شجرتى. لقد واعدتك واوفيت ولست نادمة. انت ابى وامى وصديقى وصديقاتى واختى واخى وابنى وزوجى وعشيقى وكل شئ. ارحل لمن ولماذا. اننى اخاف من نظرات زملائى بالعمل ونظرات الشباب والرجال وحتى كبار السن والاطفال الذكور النهمة نحوى. لانها تشعرنى ان اصحابها على استعداد تام ان يختطفونى منك ويحرمونى منك ومن اولادنا. اتعلم انى احبك اكثر من اولادنا حتى رغم انك وبختنى واتهمتنى بكراهيتى لهم. انا اعبدك. ودون تكلف او تصنع.

كل هذا فكرت فيه نور وعيون زوجها كمال تلتهمها بجوع لا ينضب من شعرها حتى قدميها. نظراته تذيبنى وتسعدنى. قالت له: لا لن ارحل اليوم الى العمل. اليوم اجازة ولكنك نسيت. تعمدت ان تجعل كلمة الرحيل تشير الى العمل. كان كمال يعلم انها تتهرب. لقد تثور بشدة انفجارية احيانا اذا سالها هذا السؤال. لقد كان يكرره على مسامعها كل يوم. يشعر انها كثيرة عليه. ام انها ولابد ستحبه غيره. رغم انه لم يخنها ابدا. لكنه يشعر ان امراة بجمالها الباهر الذى لا تؤمن به هى نفسها وياللعجب. وبجراتها فى العمل حيث تدير العمل فى المؤسسة التى تعمل بها بقوة وصلابة. كانت اتان عمل على وزن حمار شغل. تحب العمل جدا. وترهق نفسها فيه. مرات كان يزورها فى العمل فيختلى به بعض موظفيها وعمالها ويشتكون له من انها ترهق نفسها جدا. والحقيقة انهم يكرهونها جدا لانها تثقل عليهم فى العمل او بالاحرى ترغمهم على الالتزام بواجبات وظائفهم وعدم التكاسل او التزويغ. لم بكونوا يجرؤون على عصيانها لانها كانت شرسة وقوية وحازمة وانفجارية فى صراخها وتعليماتها المشددة لهم. ولانها على حق. ولو اشتكوها لرؤسائها لنالوا العقوبة لانهم بالفعل كسالى ومتقاعسين واتعبوا عملاء المؤسسة والمواطنين الذين يتعاملون معها. فكان كمال يشعر ان مثلها لابد ان تفرد اجنحتها الملائكية وتكشف عن زيها الاسطورى او المارفلى او الدى سياوى. بارادتها. او يخطفها منه اى قوى السلطة والنفوذ واى معجب مغتلم. كان يرى خلال نزهاتهما هو وهى واولادهما فى المتحف المصرى او حديقة المسلة او حديقة الحيوان او سينما كوزموس. نظرات كل الذكور على اختلاف اعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية نحوها ويقسم انه يقرا افكارهم. ويشعر انهم يملكون وسيلة ما لاختطاف نور منه للابد. وحرمانه منها. كان يفزعه ذلك ويتعصب عليها ويتنرفز بسبب ذلك. وهى تعلم لكنها كانت تتحمل واحيانا تثور ويصبح البيت مليئا بالصواريخ والالعاب النارية.

اقتربت نور من الفراش واستلقت جوار كمال. وهى تنظر اليه تلك النظرات التى لا تدرى اهى لعوب اغرائية ام انها مجرد نظرات شاردة عادية. نهض كمال وقبل على الفور اظافر يديها وقدميها. فنهضت هى وقبلت يديه وقدميه ووجهه. قال لها: لماذا تفعلين ذلك كل مرة يا نور. الم انهك. قالت: مثلما ستفعل بى سافعل بك. تقبل يدى وقدمى ساقبل يدك وقدمك واكثر ايضا انا لست اقل منك حبا لك كما انك لست اقل منى حبا لى. سافعل مثلك واكثر. وصدقت قولها بالفعل وغمرت وجهه وشعره بالقبلات الرطبة المتشوقة. كانت ترتجف من البرد قليلا. قبل وجهها واخذ يتامله وتقاطيعه ويمسح بظهر يده على خدها ويلمس باصبعه انفها فقبلت شفتيه بعدوانية وجراة كانت ولا تزال تشعله وتعجبه. قال لها: عيد ميلاد سعيد يا قلب كمال وروحه وعقله. واحتضنها وشعرت نور بقوة عناقه. انها تعلم كم هو امتلاكى لها ولا تمانع. رغم انه يصرح بامتلاكه لها بكل السبل اللطيفة او الشديدة. بالعكس ذلك يسعدها ويرضيها. وهى ايضا امتلاكية له. لكنها لا تبدى له ذلك حفظا لكبريائه كرجل واحتراما منها لمقامه العالى عندها فهى تراه دوما اعلى منها واعلم وارقى وتتعجب كيف احبها وهو يستحق من هى اروع واجمل ويستحق كثيرات شهيرات ومغمورات مصريات وعربيات واجنبيات من كل قارة ودولة ودين وجيل. كانت اذا باحت له بمكنون فكرها هذا وبخها بشدة وعصبية وقال لها: لماذا تستهينين هكذا بنفسك يا نور. لم اجد فى العالم من اجمل ولا اشهى ولا احق منك بى سواك. ولن اجد. كان يصرح لها انه يود لو يقيدها بطوق وسلسلة جواره او يقيدها فى كرسى او سرير بالمنزل كيلا ترحل. كان يعجبها ذلك ويشعلها ولا يغضبها. حتى اذا صار ساديا احيانا فى الفراش وقيدها او صفعها او شتمها او بصق عليها كانت سعيدة بكل ما يفعله بها ويقوله لها سواء بلطف او بعنف. لم يكن على الدوام ساديا بل فى بعض المناسبات القليلة. وهو علمها بل وصمم رغم رفضها باستمرار صمم على ان تمارس السادية معه احيانا. تقيده وتشتمه وتبصق عليه او تصفعه. كانت تفعلها فقط لارضائه واسعاده. وبعد الحاح شديد منه وبتردد وبغير اقتناع. كانت تهوى فقط ان تكون اما حنونة له وهو يرضى بذلك معظم الوقت.

قالت نور: شكرا يا حبيب قلبى. لم اكن اتذكر ان عيد ميلادى اليوم. قال كمال: وكيف انسى ذلك التاريخ 28 ديسمبر من كل عام. عيد ميلاد الهتى الحلوة المتوجة بكواكب المجموعة الشمسية والمتناسخة والفضائية القادمة من كون موازى او من كوكب بكوننا لكنه شبيه بالارض يدور حول نجم فى كوكبة الجبار. وقنطورتى او فامبايرى الخالدة والبطلة الخارقة او القادمة من عصر مضى فرعونية او باريسية او رومانية... يا مصنع الكواكب ومصنع السكر. شردت نور فى هيام فى كلمات زوجها. كم يتقن الغزل ويبدع فيه. لقد ملات نور اجندة بما يقوله لها تحتفظ بها سرا ولا يعلم عنها شيئا. ستكتب ما قاله اليوم. حفظته عن ظهر قلب. عانقته وقال: هذان المدفعان الثقيلان يسعداننى. بارك الله فيهما وفى صاحبتهما. قالت نور ضاحكة: اكثر من ذلك. انهما يفضحاننى فى الشارع. اود لو اقطعهما والقيهما للكلاب. قال كمال: حينها اموت. قالت على الفور: يبعد الشر عنك. ولكنى حقا اضيق بهما بسبب نظرات الطامعين. لكنى اعشقهما واعشق جسدى وانوثتى رغم نظراتهم. ولكن احيانا يضيق بى الامر.

نهضت نور فجاة وقالت: ساذهب لاستحم. رائحتى بالتاكيد منفرة لك. لم تطالبه بالاستحمام فهى تعشقه متعرقا او نظيفا. وهو كسول فى الاستحمام عنها. قال كمال: رائحتك حلوة وانت حلوة دائما وفى كل حال. قالت تمازحه: انت تريدنى بنهر حليبك وبعرقى ووسخى وقذارتى. تحبنى عفنة. قال يمازحها: نعم احبك عفنة جدا جدا. يشعلنى ذلك. هيا تعالى با عفنة. ضحكت وهربت لداخل الحمام وسمع صوت المياه الساخنة تنهمر. لما خرجت اخيرا. كان كمال قد نهض وجلس فى الشرفة. لعله تغوط فى الحمام الاخر بالمنزل. قولونه عصبى ولن يطيق الصبر معها. لقد انشا هذا الحمام فى منزلهما الواسع المبنى على الطراز الامريكى 5 غرف وحمام مطبخ وطابقان بينهما سلالم وسقف جمالون وعلية. لم يبنيه كمال ولا يملك مالا لذلك اصلا. ولكن والده الراحل اشتراه من مالكه الامريكى. لم ينجب والده سواه فهو ابنه الوحيد ووالدته توفيت فى طفولته. وارتحل مع والده الى دولة اوروبية عمل فيها الوالد لفترة وجنى مالا وفيرا. وحين عاد لمصر لم يعد للعشة الصغيرة فوق السطوح التى كان يسكن فيها وقرر شراء هذا المنزل المنعزل فى مزارع قرى الجيزة قرب الحوامدية مواجها لنيل حلوان. عاش فيه هو وابنه وتوفى. ونور متزوجة من ابنه لها سنوات. وامر كمال احد البنائين والسباكين بتحويل الغرفة الخامسة الى حمام. كان للمنزل حديقة امامية وخلفية وسور.

ارتدت نور ملابسها المنزلية على عجالة. كانت صحيحة البدن ونشيطة جدا لم يرها كمال مرضت يوما وهذا اعجبه فيها. لقد حدثه ابوه عن معاناته الطويلة لسنوات مع مرض امه العضال حتى وفاتها. كانت اياما وشهورا وسنوات من العذاب المتواصل فكان كمال يتمنى لنفسه زوجة صحيحة البدن لو امكن. بينما يميل زوجها كمال للكسل. وعليها كل اعباء المنزل من طبخ وكنس ومسح وغسيل كاى زوجة مثالية مما يغيظ النسويات. لو علمن.

خرجت نور ترتدى شبشبا عالى الكعب ذى فراء فى مقدمته وقميص نوم ساتان اغلقته بروب طويل مثل طوله ومن الساتان الازرق ايضا. دخلت الى غرف الاولاد توقظهم. كانوا ولدين وبنتين. كان الولدان شابين فى الجامعة. واحدى البنتين فى الثانوية والاخرى فى الابتدائية. نهض الاولاد الذكور للاغتسال وذهبت البنتان مع امهما الى حمام والدهما كمال. غسلت نور وجه ابنتها الصغرى وشعرها وتركتها تقضى حاجتها ثم انصرفتا ودخلت الابنة الاخرى لتغتسل وتقضى حاجتها. تركتهم نور وطرقعت بكعبها نزولا السلم حيث سمعت كمال يغنى ويدندن.

نور وشمس


الفصل الثانى

نزلت نور الى صالة منزلها الامريكى الطراز القريب من الحوامدية والمطل على نيل حلوان. فوجدت زوجها كمال جالسا يغنى ويدندن بعض الاغانى القديمة والجديدة. كان مزاجه اذن رائقا. جلست جواره. فوضع ذراعه حول عنقها. وقبل خدها قبلة سريعة والصق جنبه بجنبها على الاريكة. نظرت اليه نور بعيونها الملونة ووجهها الشبيه الملامح جدا بملامح الممثلة نسرين. كانت ملامحها جادة مثلها وشبيهة جدا وعيونها ملونة كلون عينى نسرين. مدت يدها بخجل الى يد كمال فاحتضنت يده يدها فورا. بياض على بياض ونور على نور كان كلاهما. كما لو كانا توامين متماثلين لكن بمعجزة ما مخالفة للقاعدة خرج احدهما ذكرا والاخر انثى. وكانهما يحملان نفس البصمة الوراثية ونفس الحمض النووى بنفس تسلسله وشفرته ماعدا الكرومسوم اكس واى. لدى كمال اكس واى ولدى نور اكس اكس.

اخرج كمال من جيب روبه الشتوى الانيق علبة قطيفة مربعة كبيرة نسبيا. قالت له نور: ما هذا ؟ قال كمال: افتحيها. فتحت نور العلبة وانبهرت بالخلخال الذهبى السميك وكذلك اسورة الذراع الثعبان. كان الذهب فى ذلك الزمن زمن اوائل الثمانينات من القرن العشرين رخيصا وليس كما فى عهد السيسى. ثم قال: عيد ميلاد سعيد يا حبيبة قلب كمال. ونور عين كمال. وروح قلب كمال. قالت نور: لماذا كلفت نفسك هكذا ؟ كانت تكفينى زهور او حتى كارت معايدة منك يا حبيبى. قال كمال: لقد كنت تتمنين هذه الاسورة وهذا الخلخال منذ سنوات وقد ظللت ادخر من اجلهما فى صمت. حتى حان وقتهما. قبل شفتيها. نهضت نور وقالت: حسنا يكفى حبا الان. ساذهب لاعداد افطارنا وافطار الاولاد.

ذهبت نور الى المطبخ وبدات اعداد الفول المدمس والجبن والبيض وتقلى الطعمية. كانت سيدة بيت ماهرة جدا تدمس الفول. وتطبخ الطبيخ وتخبز الحلوى. وتخزن فى الديب فريزر اللحوم والدجاج والطبيخ. تحيك الملابس وتتقن التفصيل والتريكو والمكرمية والكروشيه والكنافاه. اشعلت النار تحت الطاسة على البوتاجاز. وسخنت الحليب والفول. سلقت البيض. وجلست على كرسى المطبخ شاردة صامتة ولا يسمع فى المطبخ سوى صوت الغليان والقلى وحسيس النار الزرقاء.

اعدت نور الطعام ووضعته فى الاوانى والاطباق والاكواب. وجلس كمال واولادهما الاربعة حول المائدة الكبيرة فى القاعة المجاورة لباب المنزل الخارجى الزجاجى المشوش "زجاج انجليزى". وخرجت نور من المطبخ الى القاعة حيث ان المطبخ يقع بالدور الارضى. تحمل الاطباق والصوانى. واخذت بعض المخلل وبعض الخيار والطماطم التى قطعتها ووضعتها فى اطباق صغيرة كعادتها كل صباح. ولكن اليوم اجازة للجميع. ولذلك قررت نور تجويد وتحسين الافطار. بدل الافطار المتعجل الذى تعده كل صباح.

جلست نور جوار زوجها كمال الذى كان عند مقدمة المائدة فى مقعد رب الاسرة. وامامها جلس ولداهما الاكبر منصور والاصغر منه قليلا وجدى. وجوارها جلست بنتاهما الكبرى كوثر والصغرى داليا.

استذكرت نور لبنتيها الدروس استعدادا للامتحانات. ثم جلست تحيك بلوفر تريكو لزوجها. وشاهدا معا فيلم عفريتة اسماعيل يس.. ضحكا وانبهرا كأنهما يشاهدانه للمرة الاولى. قال. اتعلمين يا نور ان اسماعيل يس مولود فى نفس يوم ميلادى. قالت. احقا ؟ 15 سبتمبر ؟ قال: ولماذا عجيب يا نور ؟ ضحكت نور ضحكة قصيرة وقالت: لانه موميدى ومضحك. اما انت فجاد الى درجة الاكتئاب. قال كمال وهو يتصنع الغضب: هكذا اذن يا قطة. ونهض فنهضت وهى تغالب نفسها من الضحك. وظلا يعدوان خلف بعضهما وهى تهرب منه وهو يقول: اانا كئيب ؟ ضحكت نور ونظرت الى وجهه وقالت تغيظه وتخرج لسانها وتحرك قبضتها فى كفها: نعم جدا. اقترب منها فلم تهرب هذه المرة. وبدا يتكلم فلم تمهله بل دفعته الى الحائط وسمرت يديه بيديها على الحائط ونظرت فى وجهه قليلا ثم نزلت بوجهها الى وجهه تلتهم شفتيه بقوة. كانت تعلم ان هذا الوضع يعجب وهو كذلك يعجبها. تصلب عمود البردى الكرنكى وطرق باب معبدها ذى البتلات وزر الورد والصروح يفصلهما قماش الثياب. لكنها تركت كمال بناره وضحكت وجلست وعادت للامساك بابر التريكو لتنسج له بلوفر اخضر من كرة خيط الصوف التى لديها. كان يحب ذلك كله منها.

اعدت الغداء ارز وقلقاس من ما حفظته منذ الشتاء الماضى فى الديب فريزر. ومعه صدور دجاج. مر الجمعة وكان السبت ايضا اى غدا اجازة لديهما. قرر كمال ان يتنزه هو وزوجته واولادهما الاربعة على النيل وفى حديقة الحيوانات. ارتدى منصور ووجدى ملابسهما فى غرفتيهما. وكذلك فعلت كوثر. بينما البست نور ابنتها الصغيرة داليا ملابسها بنفسها. كانت داليا مدللة امها وابيها واخوتها. رقيقة كثيرة. استقلوا المعدية الى المعادى. ومن هناك استقلوا اوتوبيس نقل عام الى حديقة الحيوانات. وقفوا عند كوبرى الجامعة واعجب منصور ووجدى كثيرا بالنيل. لكن تركيز منصور كان منصبا اكثر على التفرس فى وجه وبدن امه نور. بينما كان وجدى يتامل اخته كوثر... كان كل منهما يعشق معشوقة مستحيلة فى صمت. ولم يكن يطمع باكثر من الكتمان والعذاب. كان منصور يكفيه ان يشبع عينيه بوجه امه نور او يسمع صوتها. او يتاملها وهى فى ملابس المنزل او ملابس الشارع. كانت قريبة منه فهما يعيشان معا وفى منزل واحد. هى من ربته حتى نما. وكان اهتمامها منصبا عليه وعلى اخوته وابيه اى عائلته. كان قلبه العاشق ورغم ان عقله يعلم انه مجرد دفء امومى وحضن قلب امومى. الا ان قلبه يفسر كل اهتمامها به حبا غراميا. هو يعلم جيدا انه ليس كذلك. لكن ليشبع قلبه وجوعه وامنيته فانه يترجم قربها وكلامها وتدليلها له واعتبارها له اخوها كونه ابنها الاكبر. الى اهتمام فتاة بفتى. وكان ذلك يرضيه ويشبعه. هو يعلم ان حبه لها خطير جدا ومدمر له ولها وللاسرة كلها اذا تمادى فيه او رغب فى غصبها عليه او انتزاعها من ابيه والاسرة لنفسه بالقوة او بالاقناع. لذلك هو قانع من ذلك الحب المستحيل بوجوده قربها. كان حب منصور لامه نور مثل حب احمد رامى او القصبجى لام كلثوم بلا امل ولا نتيجة. لكنه جعله يساعدها فى المطبخ احيانا تطوعا من نفسه رغم رفضها لذلك لكنه يلح عليها. وتضطر لتركه. وتشكر وتمتن له. تقربه من امه بالخدمات التطوعية جعلها تراه عكازها وعكاز ابيه. كان ايضا يساعد اباه كثيرا ليس فقط لحبه له ولكن لانه قرة عين نور وحبيبها الاول والاخير والاكبر والوحيد. فمنصور راى نظرات امه نور لابيه كمال طيلة مراهقته. ورغم شعوره بالغيرة تاكله والحزن وتمنى ان يكون مكان ابيه فى قلب امه. الا انه حول طاقة الرغبة فى امتلاك امه والارتباط جسديا ورسميا بها كزوجة وحبه الفياض لها الى طاقة ايجابية وليست تدميرية او كراهية. فكان يرضيها باسعاد ابيه. وينظر لوجهها الجميل وهى تبتسم له بسعادة حين تراها ارضى اباه او ساعده فى اى امر.

كذلك كان حال وجدى مع اخته كوثر. كان كمال يقف مستندا بيده على الكورنيش الجرانيتى المطل على النيل الشاسع الرهيب الفضى قرب كوبرى الجامعة. وعن يمينه يقف منصور جوار امه نور يكاد يلصق جنبه بجنبها وهى مشغولة عنه بالحديث مع ابيه او مداعبة داليا التى تقف امامها وتكلمها. لكن عيونه لا تفارق وجه امه الحلو. كان يتغذى روحيا ونفسيا وقلبيا وعقليا من مجرد التطلع الى وجهها طويلا. وعن يسار كمال يقف وجدى وجواره كوثر التى تتامل ايضا النيل. ومد وجدى يده فى كيس الطعام الذى حملوه معهم. وتناول سندويتش من قالب اللحم ومنحه لكوثر. شكرته وبدات تاكل بنهم وهى تتامل النيل. ووجدى لا تفارق نظراته خدها ووجهها. انه يحسد ابناء ادم ابو البشر حسب الميثولوجيا الابراهيمية. ويحسد رمسيس الثانى فقد كان بامكانهم الاقتراب بشقيقة يحبونها دون تحريم ولا تابو ولا ممانعة. لكن هذا لا يجعل حظ منصور مشابها لحظ وجدى. ففى مصر القديمة تزوج الاب ابنته والاخ اخته ولكن لم يحصل ابدا ان اقترب الابن بامه ابدا ابدا. كانت كوثر ايضا قريبة السن من وجدى وتشعر بحبه الجارف لها. واما نور فلم تكن تدرى بما يشعر به ابنها الاكبر منصور نحوها. كانت تظنه شهما وابنا بارا فحسب. ويحبها ويحب اباه حبا معتادا. استسلم منصور وقنع بهذا القدر من امه. وبقبلة منه على خدها او عناق من وقت لاخر يتنهد فيه باستمتاع وحزن وشوق لكنه يكتفى بحب عذرى بعيد لامه. اما وجدى فقد كان متهورا بطبعه. وكانت كوثر فى الحقيقة تشاغله لم يكن يدرى اهى تشاغله بطبع الفتاة المراهقة لمشاغلة عدة رجال والشعور بانها مرغوبة ام بالفعل تشاغله لانها تحبه مثلما يحبها. كان يذاكر لها ويتقرب منها بهدايا فى عيد ميلادها. ويمازحها. ويشاكسها.

ذهب الجميع الى حديقة الحيوانات. وكان يوما رائعا. وعادوا لمنزلهم الامريكى الطراز قرب الحوامدية.

*****

كان كمال يدير شركة استيراد وتصدير صغيرة. لصالح مالكها شمس عبد الملك. وما لم يكن كمال يعلمه ان شمس هذا قد راى زوجته نور ذات مرة فى حفل اقامته الشركة بمناسبة عيد ميلاد شمس فى 28 اغسطس وحضر فيها الموظفون والمديرون وزوجاتهم. اعجب بها شمس كثيرا وراودها عن نفسها. لكنها صدته بشدة وسبته. فاعتذر لها كثيرا فلم تهدا وحينها هددها اذا شكته لزوجها ان يلفق له قضية ويسجنه ويدمر مستقبله ومستقبلها ومستقبل اولادهما للابد. لانت عندها وتوسلت اليه الا يفعل وستنسى هى ما عرضه عليها كأن لم يكن. ابتسم وقال: فتاة جيدة. هكذا ظنى بك. حصل ذلك منذ خمس سنوات مضت الان. ولم تسمع عنه نور شيئا منذ ذلك الحين. وظنت انها امنت شره وانها كانت نزوة عابرة عرض عليها فلما رفضت اتجه لغيرها ونسيها. ولكن وهذا ما لم تكن تعلمه انه لم ينسها لحظة واحدة. بل كان يفكر ويدبر كيف يذلها ويمرغ كبرياءها وغرورها.

تزوج شمس هذا زواج صالونات. وكان اكبر من كمال ونور. كان فى الستين. كان شمس قارئا مطلعا على عكس كمال الذى لا يحب الكتب ولا القراءة. لديه فى مكتبه بالشركة مكتبة عامرة وفى منزله ايضا. كانت ميوله كبيرة للعلمانية واللادينية والاشتراكية والناصرية والحرية وايضا للربوبية. كان شمس يحب الفنون. ودرس دراسة علمية فى الثانوية. لكن دراسته الجامعية كانت ادبية تاريخية. ولكن كان حظ شمس هذا رديئا جدا مع النساء. لانه خجول جدا وانطوائى لا يتقن الاعيب النسونجية وصيادى البنات من الرجال والشباب. اضافة الى انه يضع كرامته فوق التذلل لاى امراة. فشل فى الحصول على امراة او فتاة يرغبها فى شبابه ومراهقته وحتى سن الاربعين لم ينل اى امراة يريدها. كان يشتهى الطفلات احيانا من كان عمرها 13 او 15 سنة لا اكثر. ويشتهى المتزوجات الاكبر منه سنا وذوات العيال واذا عرف انها شريفة لم تعرف رجلا قط سوى زوجها يشتعل رغبة فيها اكثر من غيرها كذلك اذا عرف ان زوجها سعيدا بها وانها ربة منزل ممتازة فى الطهى والاشغال النسوية. ويشتهى بنات من مختلف الاعمار والاجيال وحتى الدول والاديان. لكنه كان محدود الدخل جدا. فلم ترض به اى امراة. كما كان عاديا بلا نفوذ اوسلطة. لذلك امتلا عزما على ان يمتلك قوة المال والنفوذ لكى ينال من يشتهيهن من النساء ولو اختطفها من حضن زوجها. لم يشفع له مع النساء تنوره ولا سعة اطلاعه. بالفعل ثابر واجتهد وتعب وعرق حتى كون هذه الشركة واموالا طائلة اضافة لانضمامه للحزب السياسى الحاكم وفوزه بعضوية البرلمان. كان دافعه لذلك كله هو النساء. يريد ان يتفاخر امام اصدقائه الذين يزعمون نجاحهم مع النساء. كان يتمنى لو انه ولد فى امريكا او المانيا او اى بلد لا عربى ولا اسلامى. كى يسهل عليه ان يعشق ويرافق جميلات وعشيقات منذ مراهقته حتى مماته. يريد ان يستعيد كرامته وكبرياءه كرجل بانه مرغوب ومحبوب ومقبول من النساء. رغم علمه الغزير وموسوعيته رفضته النساء وقبلن باقل منه وبالجهلاء. كمال مثلا لم يقرا كتابا فى حياته ولا يهتم بالسياسة ولا اى شئ. وغيره. كمال لم يكن اسعد حظا منه ولم يعرف سوى نور ولكن نور احبته ولم يكن زواجهما زواج صالونات بل زواج عن حب وصداقة وجيرة طويلة منذ الطفولة حتى الجامعة. وغيره رجال بلا ثقافة وناجحون فى علاقات متعددة مع النساء. اما شمس فكان خجولا وخيبة. ولم تحبه النساء.