جمال الخجول ورحلته بين الشغف والعدم

Story Info
جمال الخجول ورحلته بين الشغف والعدم
27k words
0
5
00
Story does not have any tags
Share this Story

Font Size

Default Font Size

Font Spacing

Default Font Spacing

Font Face

Default Font Face

Reading Theme

Default Theme (White)
You need to Log In or Sign Up to have your customization saved in your Literotica profile.
PUBLIC BETA

Note: You can change font size, font face, and turn on dark mode by clicking the "A" icon tab in the Story Info Box.

You can temporarily switch back to a Classic Literotica® experience during our ongoing public Beta testing. Please consider leaving feedback on issues you experience or suggest improvements.

Click here

جمال الخجول ورحلته بين الشغف والعدم

مقدمة

مرحبا،،،

هذه قصة بدأتها حديثا و قطعت شوطا كبيرا فيها، سأضع ما وصلت مع إضافة التكملة كل فترة.

القصة جنسية بالأساس، نعم، لكنها لا تركز فقط على الممارسة الجنسية، بل تهتم بدواخل الشخصيات و تحاول جعل تطورات الأحداث و العلاقات مقنعة بشكل كبير. لهذا، ستعترضكم فقرات طويلة لا وجود للجنس فيها، فوددت التنويه أن من يبحث عن قصة فيها فقط جنس مباشرة و بسرعة، فهذه القصة ليست ضالته.

---------

الحلقة الأولى

كان جمال شابا ذكيا و مميزا بشكل ملحوظ لكل من يعاشره، يعشق الفنون و الرياضة، دقيق الملاحظة، يفكر و يتأمل كثيرا، يرى أنه يملك طاقة رهيبة و خيالا واسعا. لكنه خجول وانطوائي نوعا ما، أو إن صح التعبير لديه نوع من القلق الإجتماعي، حيث يرى نفسه غير منطلق اجتماعيا مع الأشخاص الذين لا يعرفهم جيدا، لا يشعر أنه يؤدي جيدا في الكلام و في التصرفات، لا يشعر بالراحة التامة في عدة مواقف اجتماعية تجعله يظهر تميزه، و طبعا مثل كل من يندرج ضمن تلك الفئة، فمن البديهي أن يعاني من نفس ذلك القلق مع الفتيات.

طبعا لم يكن خجولا لدرجة الإنكماش و الصمت و الإختباء، هو لا يجد حرجا أن يضحك بصوت عال مثلا أمام الناس، حتى الفتيات، لكنه يشعر في قرارة نفسه أنه لا يتصرف براحة. يرى أن كل العيون مركزة عليه، تحلل تصرفاته و تحركاته و سكناته، و تطلق الأحكام عليه.

كان للوسط الذي نشأ فيه دور كبير في هذا، فهو تربى طيلة عمره على أن يكون الولد المهذب و المحترم. مرة أخرى، لا تتصوروا أنه ملاك طاهر لا يسمع له صوت، هو حين يكون مع المقربين منه يتحدث بطلاقة معهم في كل المواضيع حتى أكثرها جرأة و "قذارة". يعشق الحديث عن النساء و الجمال و الإثارة، يشاهد أفلام البورنو، و يقرأ القصص الجنسية، بل أنه كون ذوقا رفيعا في ذلك، و كما قلنا في أول السطور أنه مبدع، فإن خيالاته الجنسية ثرية و إبداعية أيضا، تغريه الأفكار أحيانا أكثر من المشاهد، لديه قائمة في ذهنه لنساء و فتيات يريد أن يمارس معهن الجنس، منهن نساء يعود اشتهاؤه لهن لأولى سنوات المراهقة لديه. تزداد القائمة و تنقص مع الوقت. لكن الثابت فيها أنه أحيانا تخطر له إحداهن أو أكثر فيتخيل السيناريوهات اللذيذة لينتهي به المطاف مستمنيا على تلك الخيالات. كان دقيقا في خيالاته لدرجة أنه يصور في ذهنه حتى طريقة "تشبيكهن"، ثم يتخيل كل تفاصيل العملية الجنسية. اضافة الى كونه يحب الخيال العلمي والفانتازيا ودمجهما مع الجنس والبورنو والايروتيكا مثل التنويم المغناطيسي والاستنساخ وتناسخ الارواح والتوائم المتماثلة رجالا ونساء والجانج بانج والايلاج المزدوج والايلاج المزدوج المهبلي والايلاج المزدوج الشرجي وثلاثية رجلين وامراة او العكس وخمسين رجلا وامراة واحدة. وملاك ذكر او انثى مع بشري او بشرية. وطبيبة ومغامراتها الجنسية مع زملائها ومرضاها. وامراة من كوكب اخر مع رجل من كوكبنا. وامراة مسلمة مع رجل مسيحي. والهة مع بشري او اله مع بشرية اله فرعوني او روماني او يوناني او ابراهيمي يحيي لها موتاها من اهلها او ابويها ويصنع لها المعجزات لارضائها. وبطلة خارقة مع رجل عادي. وامراة اكبر مع رجل اصغر سنا ناضجة مع مراهق او مراهقة مع ستيني مثلا. وخرساء مع رجل عادي. وعمياء مع رجل عادي. وعلاقة بين امراة مصرية من زمن الخمسينات او الستينات قبل غزو الاخوانوسلفيين والسعوديين والحجاب والنقاب والربيع العربي الملعون لمصر مع شاب من الالفينات او التسعينات او مواليد الثمانينات ضاق ذرعا بالتكفير والتخلف والتطرف والحجاب والنقاب وعاد بالزمن ليلتقي بهذه المراة ويعشقها ويتزوجها ويعيش معها في عصر عبد الناصر العظيم. كما انه يحب ديكنز ودوماس ويعشق قصة مدينتين وكانها عن مجرمي ومتطرفي الربيع العربي الاخوانوسلفي بين القاهرة ودمشق مثلا ويعشق اوقات عصيبة لديكنز ايضا وكان جرادجرايند اخوانوسلفي يكره العلمانية والعلم الدارويني العلماني ويعشق البحيرة الزرقاء وكانها عن طفلين ذكر وانثى شقيقين مسلمين اختطفتهما وربتهما امراة اوروبية مسيحية علمانية على سفينة وغرقت السفينة وعاشوا فى جزيرة وماتت المراة وتزوج الفتى بالفتاة وانجبا. وعلاقة بين امراة خالدة جوالة عمرها الاف السنين مع رجل عادي. كما انه يتمنى لو بقي الشرق الاوسط وشمال افريقيا زرادشتيا ومسيحيا بقبضة البيزنطيين والساسانيين ويتطور مع اوروبا ويلتحق بها علمانيا وبورنوجرافيا وايروتيكيا ولديه كافة الحريات الدينية والجنسية والابداعية والفكرية.

لم يتح له يوما أن يحقق خيالاته و يحولها لواقع، خجله الذي تحدثنا عنه كان مانعا، و الأكثر من هذا أنه كان متطلبا، فلا يشتهي من هب و دب، ولا يشتهي من تناك باجرة اي المومس المحترفة بالمال، بل يشتهي من تكون صعبة المنال جميلة ومتنورة ومثقفة وجامعية وطباخة ماهرة ولا تستنكف ان تخدمه وتغسل له وسافرة متبرجة وليست محجبة ولا منقبة ولا متدينة يشتهي من تناك منه عن حب فقط وليس من اجل مال او املاك، والتي لا تطالبه بقائمة اثاث ولا مؤخر صداق ضخم ولا شبكة غالية ولا كتابة الشقة باسمها، و فوق هذا المكبلات الإجتماعية العربية والشرقية واهمية العذرية والبكارة لا تتيح الممارسات الجنسية بسهولة، رغم أن مجتمعاتنا يحدث فيها الجنس يوميا. فلا الفتاة ولا الفتى يستطيعان ممارسة الحب والجنس الكامل في الكس في الثانوية مثلا كما في الغرب.

حتى عاطفيا كان فاشلا، لم يدخل في علاقة كاملة يهنأ بها مع أي فتاة، إما يحاول مع هذه فترفض، أو يتحدث مع تلك و لا تعطيه شيئا من قلبها. لكن أكثر قصة استهلكت سنوات من وقته هي قصته مع رنا، فتاة جميلة شاهدها أثناء دراسته الجامعية، أعجب بها، و حيث أنه كان حمارا في التعرف على الفتيات، عجز أن يدخل بطريقة لائقة، فأخذ رقمها -- بكل غباء -- من صديق مشترك و حدثها قائلا أنه معجب. كان غرا طريا في العشرين من عمره وقتها، تغلبه مشاعره و لا يحسن التصرف، هي وقتها لم تصده حين طلب أن يقابلها، طبعا وقتها لم يدر في خلده أنها أرادت ذلك من باب الفضول لمعرفة من هذا الشخص الذي قال لها أنه معجب. و حين التقاها في ساحة الجامعة مقدما نفسه لها، تهربت بطريقة لبقة.

عرف أنها لم تعجب به، أنّى يحدث ذلك و هي لا تعرفه، و قد دخل عليها دخلة البلهاء المستجدين، شكل الأمر صدمة له، فهو كان يرى نفسه حسن الشكل، رغم أنه لم يكن يرتدي أحدث الثياب. كانت ملابسه حينها ملابس المهذبين المحترمين، و ليست ملابس الـ cool people(اشخاص رائعين)

طبعا من المفترض أن لا يعيد الكرة، لكن، قلة نضجه و انسياقه وراء عاطفته جعلاه يرفض هذا الأمر، و يحاول معها مرات و مرات، و حتى محاولاته قدمها على أنها صداقة، و هو الغباء بعينه، تحدثا قليلا عبر الهاتف و الميسنجر. لكنهما لم يكونا أبدا على على علاقة، كانت هي ذكية و متقدمة عليه في هذا المجال فكانت تتعامل معه بمنطق الحمار و الجزرة، لا تطمعه بشيء و لكنها لا توصد الباب تماما.

كان يعجبها وجود أشخاص يعشقون جمالها، كل أنثى تحب ذلك خصوصا في ذلك السن.

كان جمال في داخله يعي تماما ما تفعله به، لكن عاطفته الغبية تغلب عقله و تجعله ينساق للتبريرات و التمنيات التي كان يضعها حينها.

أحيانا يغلب العقل عاطفته، فتجده يواجهها بهذا الكلام، ثم يعتذر. سذاجة و عود طري.

كل تصرفاته معها كانت خاطئة و منفرة، فشل تماما في جذبها له، لأنه ببساطة عديم الخبرة مع الفتيات، لا يعرف كيف يتواصل معهن، و حتى إن قمن بتلميحات و إشارات، لا يلتقطها، بسبب تفكيره و تحليله الزائد للأمور.

مع مرور الوقت أغلقت كل السبل أمامه. بل أنها لم تظهر أي احترام له فكان يراها تمشي مع أحدهم و تخرج معه، هو يعرف أن هناك من يطلق على ذلك لقب صداقة، لكن من المستحيل على أي ذكر أن يرافق أنثى جميلة دون أن تكون له غاية.

بفضل مهارته و ذكائه، تمكن من اختراق بريدها الإلكتروني ليطفئ ناره، قرأ مراسلاتها، و كانت الصدمة، كانت تقيم علاقات مع أكثر من شخص، معظمهم تتعرف إليهم من مواقع التشات، و صدمه أكثر سهولة تشبيكها من طرف الآخرين، رغم تفاهة ما يكتبون، و قارن ذلك بتمنعها عليه. اكتأب و دخل في مرحلة شك في نفسه، بدأ يلوم نفسه لأنه فاشل لا يحسن التصرف مع البنات، في حين يأتي غيره ينجحون دون مجهود، معظمهم أقل منه شكلا، و كلهم أقل منه عقلا و روحا.

لا شيء في المراسلات تلك يوحي بأمور جنسية، لكن صورتها تلطخت لديه، بل أنه أصبح يراها كالعاهرة.

بدأ يتخيلها تمارس الجنس مع عشاقها، حين فعل ذلك أول مرة، راوده إحساس مؤلم في لحظة إفراغه لمنيه، لحظة القذف هي لحظة الحقيقة، فما قبلها شهوة عارمة تطغى على كل الأفكار، بمجرد القذف يعود العقل إلى رشده، لهذا كثير من الرجال يشتهون نساء معينين و حين يضاجعونهن، بمجرد القذف ينفرن منهن.

ذلك الإحساس المؤلم لم يعد يتكرر معه في المرات التالية، كان يتخيل ذلك الفم الجميل يقبل بكل شغف شفاه شخص مجهول، أو حتى أحد عشاقها و "أصدقائها"، تلك الفتاة المتمنعة الباردة معه، يتخيلها كيف تكون هائجة مع غيره، جسدها الناعم الطري البض بين يدي "أ" تداعبان كل مكان فيه، نهداها النافران يتراقصان حين تقفز على ذكر "ب" جيئة و ذهابا، تلثم بنهم صدر "ج" في طريقها لتلتقم قضيبه و تبدأ في لعقه و مصه كأنه قطعة مثلجات لذيذة، صراخها و آهاتها و هي تحت جسد "د" يرهزها بقوة. تلتحق بـ "هـ" للحمام لتغتسل معه و تداعبه بعد نيكة لذيذة.

تخيل جمال كل الوضعيات و كل المواقف و كل الأماكن، سيطرت تلك الخيالات عليه لسنوات، كانت نشوته تصل لأقصاها حين يتخيلها مع غيره. و تتفوق دون شك على خيالاته و هو يضاجعها أو يضاجع بقية النساء في قائمته.

مرت سنوات بدأ فيها ينساها شيئا فشيئا، لم تفارق مخيلته تماما لكنه لم يعد يحبها و لم يعد يحاول معها، كل منهما في مدينة مختلفة عن الآخر الآن، لكنه لم يمنع نفسه من أن يخترق بريدها مرة أخرى، هذه المرة وجد شيئا أكبر، وجدها أرسلت لبريد شخص أجنبي رسالة فيها خمس صور لها، 4 منها صور عادية، في حين كانت الخامسة و هي ترتدي ملابس تشبه المايوه ذوي القطعة الواحدة، كانت تقف أمام المرآة و تصور نفسها بالهاتف. لأول مرة يرى ساقيها عاريتين بأكملهما، و جزءا من مؤخرتها.

بحث عن ذلك البريد و لم يجد أي أثر لذلك الشخص الأجنبي، مما يعطي احتمالية أنه ربما بريد يتبعها هي فتحته لغرض من الأغراض، لكنه الآن قرر أن يرمي طيبته بعيدا و سذاجته، فاقتنع تماما أنها تفعل ذلك و أكثر، و بالطبع لا أحتاج لأذكركم أن تلك الصورة أعادت بقوة خيالاته حولها و هي تمارس الجنس مع عشاقها، بل أنه هذه المرة زاد من جرأة و قذارة تلك الخيالات، فبدأ يتخيلها تنتاك من اثنين في وقت واحد، و هي تصرخ كالحيوان طالبة المزيد. أصبح يتخيلها تضاجع الأجانب و هم يتأوهون و يعبرون عن استمتاعهم بشتى اللغات. يتخيلها ترضع بنهم زبا كان يخترق كسها و تبتلع منيه الدافق.

ما كان يدمره و يثيره في نفس الوقت، هو جمالها، كان هناك شيء في داخله يقول له طوال الوقت أن الجمال أمر مقدس، و أن الفتاة الجميلة يجب أن تكون أرفع و أطهر من غيرها، لهذا كان يستثار أكثر شيء حين يتخيلها هي تمارس الجنس أكثر مما يتخيل غيرها من نساء قائمته الشهيرة. كان و كأنه يعاقب نفسه على سذاجته و غبائه : "انظر إليها إنها رافعة ساقيها لأحدهم، شاهد بعينك و مت بقلبك، انظر إنها تلثم شفاه عشيقها بنهم، أنها لا تحبه، لكنها تشتهيه، هي تعشق النيك، شاهد يا جمال فتاة أحلامك تلعب الأيدي بنهديها المكورين، و تدفن القضبان بينهما."

استمر الحال حتى بدأ ينقص تدريجيا، لم يعد يستمني على غزوات الرجال لجسمها إلا فيما ندر، لم يعد يفكر فيها.

كانت تجربة علمته الكثير، و لكنها أضاعت 7 سنوات من عمره لم يحقق فيها تقدما مع الفتيات و لا في حربه مع الخجل الإجتماعي. لم يشتغل في تلك السنوات في عمل كبير يتيح له التعامل مع الناس، بل كان كل مرة يعمل عملا صغيرا في مكان صغير محدود العدد، و في مدينته الصغيرة البسيطة، المحافظة. مما يعني أن فرص التعرف على النساء اللاتي يحلم بهن تحديدا، معدومة تماما.

إلى أن انتقل أخيرا في سن الثامنة و العشرين إلى العاصمة في هذا العمل الجديد، شركة بنكية كبيرة، و كان هو ضمن فريق المعلوميات، اختصاصه الذي درسه.

بدأ جمال في التعرف على أجواء العمل، كان رئيس قسمه يرسله كل مرة عند أحدهم للتعرف على الأنظمة و البرامج و سير العمل عليها. قابل كل زملائه في الطابقين الرابع و الخامس، كان هو يشتغل في الخامس.

لم يكن جمال منشغلا طيلة ذلك الوقت في متابعة النساء و الفتيات اللاتي يشتغلن معه، كان كل همه عمله الجديد و التأقلم مع المكان و التجرية الجديدة عليه. كما أنه كان مشغولا حينها بالبحث عن سكن و شراء تجهيزات و أثاث للبيت.

لهذا، لم يلاحظ من يمكنها أن تأسره، أو تعجبه.

ربما النظرة الأولى غير كافية.

بعد مرور أسبوعين على انضمامه للعمل، دخلت عليهم في مكتبهم فتاة يراها لأول مرة، سلمت عليهم و كان زميله في المكتب -- و هو نفسه رئيس قسمه -- يسألها عن أحوال المولود الجديد، فعرف جمال أن من دخلت عليهم زميلة كانت في عطلة أمومة، لهذا لم يرها حين دخل للشركة.

لم تشده و لم تجذبه، لم يركز كثيرا في شكلها، لم تكن سيئة إطلاقا، كانت بالنسبة له وجها و جسدا عاديا، و كان أصلا من طبعه أن لا ينجذب لامرأة حين تكون حديثة الولادة، لا يعرف سبب ذلك و لكنه وجد أنه فعلا لا يفكر جنسيا و لا ينجذب لإمرأة لم يمر على ولادتها الكثير.

علم فيما بعد أنها سبقته للشركة بأربعة أشهر، عملت 3 أشهر تقريبا و خرجت في أجازة أمومة و عادت يومها.

في نفس ذلك اليوم، أرسله رئيس القسم للطابق الرابع ليعرفه رئيس قسم آخر على عملهم، وجدهم في قاعة مخصصة للتكوين، طاولة مستطيلة بها حواسيب يقابل بعضها البعض، جلس أمام أحد الحواسيب بجانب رئيس ذلك القسم، و كانت الأم الشابة التي دخلت عليهم صباحا، تجلس أمام الحاسوب الذي يقابله تماما مع فتاة أخرى.

كان جمال يستمع لتفسير رئيس القسم حين رفع رأسه صدفة ليجد تلك الفتاة تحاول رفع رأسها قليلا لتتمكن من رؤيته، حيث كان الحاسوب الذي أمامها يحجب رؤيتها. كانت ترفع عينيها بطريقة تجمع بين الحذر و الجرأة.

"واو. إنها تنظر إلي، يبدو أني وسيم فعلا كما اعتقدت، هاهاها. حسنا قد يكون الأمر مجرد فضول منها لمعرفة الزميل الجديد" قال جمال في نفسه.

جمال يرى نفسه حسن الشكل، رغم أنه في تلك الفترة زاد وزنه بضع كيلوغرامات و قلت جاذبيته. لكنه واثق من أن وجهه جذاب إلى حد ما، شكل وجهه ليس بالمميز الذي يسلب الأنظار و يلوي الأعناق، لكن مقاييسه جميلة،عيناه واسعتان، كستنائيتا اللون، أنفه مستقيم، حليق الوجه.

واصل جمال الإستماع لزميله، و بعد برهة كرر النظر للزميلة الجديدة، فوجدها تسترق النظر إليه مرة أخرى.

"حسنا، يبدو أنها معجبة بي. الأمر واضح. و لكنها متزوجة و أم"

حدث جمال نفسه بذلك، و سرعان ما أرجع الأمر لكون النساء حتى لو كن متزوجات فإنهن يعجبن برجال آخرين، لا يوجد شيء يمكنه منع المشاعر بدرجاتها.

مرت الأيام و لم يكن جمال يعير اهتماما لإعجاب تلك الفتاة به، و لكن شد انتباهه نظرها إليه حين تكون عائدة من بيت الإستراحة لمكتبها، حيث كان مكتبه في منتصف الطريق، مما يعني أن أي شخص عائد من الحمام حين ينظر لباب المكتب سيرى جمال.

المارون من هناك يحيونه، نظرتهم تكون خاطفة.

لكن هذه الأم الشابة، نظرتها موجهة لعينيه طوال مدة مرورها أمام الباب، هي ربما لا تتجاوز الثانية من الزمن، لكن كان من الواضح جدا بشكل قاطع أنها تركز النظر فيه.

بل و أحيانا تنظر و على شفتيها ابتسامة خفيفة.

صحيح أن جمال معدوم التجربة العاطفية و فاشل مع الفتيات، و لا يحاول كثيرا معهن رغم رغبته فيهن، إلا أنه يملك عينا دقيقة في التقاط التفاصيل، نظرتها له ليست نظرة عادية، نظرة حالمة، نظرة إعجاب صريح.

هنا تأكد جمال أنها معجبة به، لا شك في ذلك.

لكنه لم يكن يبادلها الإعجاب، لم تكن تجذبه شكلا. ربما هو حاجز نفوره من الوالدات حديثا، ربما تركيزه على العمل، ربما أمر آخر منعه من الإعجاب بها، و هو بالتأكيد ليس كونها متزوجة، فبالنسبة لجمال لا يمنع نفسه من اشتهاء أي امرأة تحلو له، بل أنه كان يقول لأصدقائه أنه -- رغم انه لا يزال بتولا- يرى أن العلاقة مع المتزوجات أفضل من العزباوات لأنها أكثر خبرة وامومية ونضجا من العزباء.

كانت تلك الأم الشابة معتدلة البياض، شعرها بني اللون، عيناها كستنائيتان مثل عيني جمال، لكن لونهما كان داكنا أكثر من لون عينيه، شفتاها صغيرتان ورديتا اللون، أنفها مستقيم و حاد، بشرتها صافية ناعمة. قد تقولون : و لكن هذه الأوصاف جميلة.

ربما، لكن لم ينجذب جمال لها.

مرت الأسابيع و الأشهر، و بدأ جمال يخالط البعض من زملائه و زميلاته، يذهب لمكاتب البعض لتبادل أطراف الحديث، أثناء ذلك الوقت شدت انتباهه قليلا فتاة بيضاء البشرة ، طويلة القامة بالنسبة لفتاة، لون عينيها أخضر أو أزرق، لا يدري. حين تركز على ملامحها كل على حدة لا تبدو جميلة، أنفها ليس جميلا، شكل وجهها مستطيل قليلا، لا تملك سمات الجمال المميزة. لكنها بدأت تعجبه.

عرف أن اسمها سناء، بدأ يفكر فيها قليلا، ليس بشكل شهواني، لكنه مجرد إعجاب، طبعا لم يكن يفكر في الإرتباط، لكنها أعجبته بكل بساطة.

طبعا لم يتغلب جمال على خجله الإجتماعي و كان حتى في مزاحه يشعر أنه يجتهد لكي يخرج ذلك الكلام، و لكن رغم ذلك، شعر أن سناء تنظر له نظرة خاصة على الأقل.

هو يؤمن أنه رغم خجله، فهو شخص مميز، مختلف. لهذا إذا حادثته فتاة يمكنها مباشرة أن تدرك أنه شيء مختلف.

مرت أشهر، و بدأت الأم الشابة تحلو في نظره قليلا، فهي تهتم بنفسها كثيرا، و بسرعة البرق تخلصت من شكل جسم ما بعد الولادة، لم يكن جمال يتعامل معها كثيرا في العمل، و بالتالي لم يكن هناك تواصل بينهم باستثناء تلك النظرات و التحايا الصباحية التي يلقيها الكل على الكل. ملابسها جميلة و متناسقة، أحيانا تأتي بتنورة قصيرة للركبة، و غالبا ببنطلون يصف شكل ساقيها و فخذيها و مؤخرتها. لم تكن مؤخرة مثالية مثل موديلات الجمال و الرشاقة و المشاهير، لكنه وجدها مؤخرة جميلة.

تسريحة شعرها زادتها جاذبية، كان شعرها يصل لأسفل ظهرها. كانت ترتدي نظارات عصرية مثيرة، جعلت عينيها تبدوان رائعتين. و كان ماكياجها خفيفا. من الواضح أنها صاحبة ذوق رفيع.

ما زاد جاذبيتها في عيني جمال هو أنها مرحة بشوشة و خفيفة الروح. تسلم على الجميع و تلقي التحية بشكل رقيق و جذاب. حركاتها و ملامح وجهها أثناء الحديث، مزاحها، كل ذلك زاد بشكل كبير جدا في جاذبيتها و سحرها.

رسميا أصبح جمال يشتهيها. لكنه طبعا لم يكن ينوي أبدا أن يحاول إغواءها، و اكتفى بالنظرات المتبادلة و الإبتسامات.

حدث أقرب أصدقائه - من خارج العمل طبعا - عنها و قال له أنه لن يقدم على أي خطوة معها، لكنه إن أتيحت له الفرصة و وجد نفسه معها في خلوة و كانت هي راغبة في ممارسة الجنس، لن يتردد لحظة واحدة.

كان جمال واثقا كل الثقة أنه لو جمعهما معا مكان مغلق فإنها ستنقض على شفتيه بقبلاتها اللاهبة. و لكنه في نفس الوقت يؤمن أنه لو تواصل الأمر هكذا على شكل محدود فستفتر رغبتها، فالنساء عادة ما يعطونك نافذة محدودة من الزمن، إما أن تغتنم فرصتك و تتحرك في الوقت المناسب، أو يمر كل شيء و كأن لم يكن.

عرف طبعا خلال تلك الفترة أن اسمها "منار". متزوجة طبعا وحديثة الولادة لطفل.

يبدو أن فكرة إعجاب منار به، قد أعجبته، لهذا أصبح يركز معها، حين تمر أمام مكتبه، أصبح يركز ناظريه عليها بكل جرأة، و كأنه يقول لها : "أعرف أنك تهيمين بي، و ها أنا أنظر إليك". لم يكن له هدف محدد حينها، أعجبه الأمر، لكن ما منعه من مزيد من التركيز عليها وقتها هو تركيزه على سناء.

شعر أنه بدأ يكوّن أحاسيسا تجاه سناء، طبعا لا تصل للحب، فجمال الآن دخل في التاسعة و العشرين من عمره و هو ناضج كفاية ليعرف الفرق بين المشاعر.

و هكذا وجد جمال نفسه يكن مشاعرا لسناء، و يشتهي منار.

لكن في تلك الفترة غلبت مشاعره تجاه سناء فاعتبرها أولوية له و بدأ يتحرك للتقرب منها.

هنا رغم نضجه العقلي الكبير إلا أنه ارتكب خطأ فادحا، قبل أن أذكر لكم الخطأ، دعوني أبين لكم مدى نضج جمال، جمال رغم قلة خبرته عمليا مع النساء، إلا أنه نظريا كوّن خبرة كبيرة، و مواقفه و نصائحه لأصدقائه دائما في محلها، يلجأ إليه كل أصحابه في مسائلهم العاطفية، لأنهم يعرفون أن حكمه منطقي و عقلاني بشكل كبير.

كان ذكيا و سريع التعلم، و مفكرا، هذا ما ساعده على تكوين خبرة نظرية، لكن، و آه من كلمة لكن، عمليا، فإنه لازال يرتكب الأخطاء حين يكون هو المعني بالأمر.

الخطأ الفادح الذي ارتكبه مع سناء، هو أنه دون محاولة التقرب منها وجها لوجه في العمل، مر مباشرة و بشكل غبي لوسائل التواصل الإجتماعي.

هي تملك حسابا على فايسبوك و انستاغرام، في السابق جمال كان شبه واثق أنها معجبة به، فوضع تحديا بينه و بين نفسه أنه لن يرسل لها دعوة صداقة، و سينتظرها هي، فقط ليؤكد لنفسه أنها معجبة، و أصلا هم زملاء و هي تحترمه، لهذا من الطبيعي أن ترسل له، الأمر عادي.

و فعلا أمسك نفسه و لم يرسل لها على الفايسبوك، إلى أن حدث ذات مرة أن دخل على صفحتها على الإنستاغرام، و كانت صفحة مغلقة على غير الأصدقاء، فوجد صورتها الرئيسية، صورة لها و هي ترتدي لباس سباحة على مسبح أحد النزل.

هنا أصبح يفكر بقضيبه عوضا عن عقله، مباشرة أرسل لها طلب صداقة على الإنستاغرام.

الإنستاغرام عادة فيه صور و منشورات أكثر جرأة و حميمية من الفايسبوك، هكذا لاحظ في حسابات عدة فتيات.

ما أثاره و هيجه هو أنه لم يتخيلها أن تلبس هكذا. تبدو رصينة في العمل، تلبس مثلها مثل كل البنات و النساء بنطلونا ضيقا يكشف شكل مؤخرتها، و لكن ذلك هو العادي و المنتشر.

هنا أصبح جمال معجبا بسناء و يشتهيها، و يشتهي منار.

مرت أيام و سناء لم تقبل طلب الصداقة. فقام بسحبها و إلغائها.

"تبا يبدو أنها فهمت الأمر، تبا لي، تبا لي، يا لي من أحمق، يا لك من أحمق، تدعي أنك نضجت و كبرت و لكنك لا تزال تفكر بقضيبك، عليك اللعنة"

بعد أيام، خسر جمال تحديه مع نفسه و أرسل لها طلب صداقة على الفايسبوك، و هنا قبلت الطلب.

لم يفرح كثيرا، لأنه أدرك أنها لم تعد تنشط كثيرا هناك، و أنه يعتبر أكثر عمومية، بينما تركت الخصوصية للإنستاغرام.

هنا شعر جمال أن سناء لا تعتبره صديقا أصلا، يعني لا يرتقي لتلك المرتبة. فما بالك بعشيق.

لكن، طبعا بما أن القضيب لديه سلطة عجيبة، فما كان منه إلا أن جعل من جمال بعد قبول طلب صداقة الفايسبوك يعيد طلب صداقة مرة أخرة على الإنستاغرام، علها هذه المرة تقبل، فكما تعرفون حين ينضم صديق لك على الفايسبوك، الإنستاغرام يذكرك أن ذلك الصديق يملك حسابا عنده، فأراد جمال استغلال الأمر حتى يظهر إسمه لها.

و لكنها كالعادة تجاهلت الطلب.

و ألغاه هو مرة أخرى و قرر فعلا أن لا يرسل مرة أخرى.

شعر بالغضب و الحنق على نفسه، أكيد أنها لا تحترمه الآن.

و لكن كما تعرفون أن الرجل حين يحس بالرفض فإنه يزيد إصرارا، و يزداد إعجابا بالمرأة، أصبح كل مرة يراها فيها تزداد مشاعره نحوها، عقله كان يقول له أن تلك المشاعر هي مجرد أوهام، غذتها مشاعر الإحباط و التشويش. هو مقتنع برأي عقله، لكنه لم يستطع كبح نفسه، بدأ بمراسلتها على الفايسبوك بذريعة مدها بقائمة أفلام كانا قد تحدثا عنها في العمل و وعدها أن يرسلها لها، ثم بعد فترة و بكل غباء و سذاجة، يرمي تلميحات أنه معجب، طبعا هي تفهم تلك التلميحات، و كانت ردودها لا توحي بشيء، كانت باردة و غير متفاعلة. عقله يقول له اترك الأمر و لا تواصل محاولاتك، لكن قلبه، بل الأصح قضيبه، يجعله يواصل.

كانت حين ترد ردا باردا و لا تتفاعل، يعاملها بجفاء حين يراها، تلاحظ هي ذلك، أصبح في وجودها لا يشعر بالراحة، تصرفاته ليست على سجيتها، القلق الإجتماعي تضاعف مرات و مرات بحضورها.

كان يعرف في قرارة نفسه أن النساء لا يحبذن الرجل الذي لا يثق في نفسه و لا يتصرف بثقة و راحة و ثبات.

مرت الأيام إلى أن طفح به كيل المشاعر المختلطة، فقرر أن يحدثها و يصارحها بإعجابه، شيء في داخله جعله متأكدا أنها سترفض، و هذا تقريبا ما أراده، أراد فقط إخراج ما عنده حتى يرتاح، هو دائما انتحاري في هذه المواقف، مستعد لخسارة كل شيء إذا عرف أنه لن يربح كل شيء. لا يؤمن بأنصاف الحلول، إما صفر أو واحد.

123456...8